للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: لَا تَتَحَلَّلُ الشِّرْذِمَةُ. وَلَا تَحَلُّلَ بِالْمَرَضِ، فَإِنْ شَرَطَهُ .. تَحَلَّلَ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ

===

ينبغي أن يقول: (مَنْ حصر)، لكن السبكي ردّ ما نقله المصنف وقال: إن المشهور من كلام أهل اللغة: أن الإحصار: المنعُ من المقصود، سواء منع منه مرض أو عدو أو حبس، والحصر: التضييق، ويؤيده: أن الآية نزلت في منع العدوّ زمنَ الحديبية، وقد عبر فيها بالإحصار.

(وقيل: لا تتحلّل الشِّرْذمة) لأنه لم يعمّ الكلّ، فأشبه المرض وخطأ الطريق، والصحيح: الجواز؛ كما في الحصر العام؛ لأن مشقة كلّ واحد لا يختلف بين أن يتحمل غيره مثلها، أو لا يتحمل.

(ولا تحلُّل بالمرض) بل يصبر حتى يبرأ، فإن كان محرمًا بعمرة .. أتمها، وإن كان بحجّ وفاته .. تحلل بعمرة؛ لأن المرض لا يمنع الإتمام، ولا يزول بالتحلل، قال الماوردي: وهو إجماع الصحابة، ومال الشيخ عز الدين في "قواعده" إلى جواز التحلل به من غير اشتراط؛ لما في البقاء على الإحرام من المشقة والعسر الدائم (١).

(فإن شرطه) مقارنًا لإحرامه ( .. تحلّل به على المشهور) لقوله صلى الله عليه وسلم لضُباعة بنت الزبير حين أرادت الحجّ، وقالت له: والله ما أجدني إلا وجعة "حُجِّي وَاشْتَرِطِي وَقُولي: اللَّهُمَّ؛ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي" (٢)، والثاني: لا يجوز؛ لأنها عبادة لا يجوز الخروج منها بغير عذر، فلا يجوز بالشرط؛ كالصلاة المفروضة.

وغير المرض من الأعذار: كضلال الطريق، ونفاذ النفقة، والخطأ في العدد ونحو ذلك .. كالمرض، وعن الجويني: أنه لغو (٣).

وحيث صححنا الشرط؛ فإن كان شرط التحلل بالهدي .. لزمه، أو بلا هدي .. فلا، وكذا إن أطلق على الأصح، وإنما يحتاج إلى التحلل إذا شرط التحلل، فلو قال: (إذا مرضت .. فأنا حلال) .. صار حلالًا بنفس المرض على الأصح


(١) الحاوي الكبير (٥/ ٤٧٠ - ٤٧١)، القواعد الكبرى (٢/ ١٨).
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٨٩)، ومسلم (١٢٠٧) عن عائشة رضي الله عنها.
(٣) نهاية المطلب (٤/ ٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>