للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ تَحَلَّلَ .. ذَبَحَ شَاةً حَيْثُ أُحْصِرَ. قُلْتُ: إِنَّمَا يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِالذَّبْحِ وَنيَّةِ التَّحَلُّلِ، وَكَذَا الْحَلْقُ إِنْ جَعَلْنَاهُ نُسُكًا، فَإِنْ فُقِدَ الدَّمُ .. فالأَظْهَرُ: أَنَّ لَهُ بَدَلًا؛

===

المنصوص، ولو شرط أن يقلب حجَّه عمرةً عند المرض .. فهو أولى بالصحة من شرط التحلل، نصّ عليه.

(ومن تحلّل .. ذبح شاة) للآية السالفة، ويقوم مقامها بدنة أو بقرة، أو سُبع أحدهما.

وقوله: (من تحلل) معناه: ومن أراد التحلل؛ لأن الذبح يكون قبل التحلل؛ كما سيأتي (حيث أُحصر) سواء كان الحصر في الحرم أو الحلّ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام ذبح هو وأصحابه بالحديبية، وهي من الحلّ (١).

وكذلك يذبح هناك ما لزمه من دماء المحظورات قبل الإحصار، وما معه من هدي التطوع، وله ذبحه عن إحصاره، وتفرقة اللحم على مساكين ذلك الموضع.

(قلت: إنما يحصل التحلّل بالذبح) لقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (ونيةِ التحلّل) لأن الذبح قد يكون للتحلل، وقد يكون لغيره، فلا بدّ من قصد صارف.

(وكذا الحلق إن جعلناه نسكًا) لأنه ركن من أركان الحجّ قَدَرَ على الإتيان به، فلا يسقط عنه، ولا بدّ من مقارنة النية للذبح، وكذا للحلق إذا أوجبناه؛ كما نقله في "الكفاية" عن الأصحاب، وجزم به في "الروضة" في الكلام على تحليل العبد (٢).

قال السبكي: ولا بدّ من تقديم الذبح على الحلق؛ كما صرح به الماوردي وغيره؛ للآية (٣).

(فإن فُقد الدمُ .. فالأظهر: أن له بدلًا) كغيره من الدماء الواجبة على المحرم، والثاني: لا؛ لعدم النصّ، فيبقى في ذمته، وسواء فقد حسًّا أو شرعًا؛ لفقد الثمن،


(١) أخرجه البخاري (١٨٠٩) عن ابن عباس رضي الله عنهما، ومسلم (١٧٨٦) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٢) كفاية النبيه (٨/ ٣٧)، روضة الطالبين (٣/ ١٧٨).
(٣) الحاوي الكبير (٥/ ٤٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>