للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالأَصَحُّ: أَنَّ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِالإِعْتَاقِ، وَأَنَّهُ لَوْ شَرَطَ مَعَ الْعِتْقِ الْوَلَاءَ لَهُ، أَوْ شَرَطَ تدْبِيرَهُ أَوْ كِتَابَتَهُ أَوْ إِعْتَاقَهُ بَعْدَ شَهْرٍ .. لَمْ يَصحَّ الْبَيْعُ

===

المتفق عليها، فإن فيها اشتراطَ العتق والولاء ولم ينكر عليه السلام إلا اشتراط الولاء (١)، والثاني: لا يصحان، كما لو شرط بيعه أو رهنه، والثالث: يصحّ العقد، ويبطل الشرط، هذا إذا أطلق العتق، أو قال: (بشرط أن تعتقه عن نفسك)، فلو قال: (عني) .. لغا العقد، كما قاله في "شرح المهذب" (٢).

ويستثنى: ما لو اشترى من يعتق عليه بشرط إعتاقه .. فإن البيع يبطل، لتعذر الوفاء بالشرط فإنه يعتق قبل إعتاقه، قاله القاضي الحسين وأقرّاه، لكن قال في "شرح المهذب": (إن فيه نظرًا ويحتمل أن يصحّ البيع، ويكون شرط العتق توكيدًا للمعنى) (٣).

(والأصح: أن للبائع مطالبة المشتري بالإعتاق) لأنه يثاب على شرطه، وله غرض في تحصيله، والثاني: لا، لأنه لا ولاية له على حقِّ الله تعالى.

وهذا الخلاف مبني على أن العتق المشروط حقّ لله تعالى، كالملتزم بالنذر وهو الأصح، أما إذا قلنا بالوجه الآخر: إنه حقّ للبائع .. فيطالب به جزمًا.

ولو امتنع المشتري من العتق .. أجبره الحاكم على العتق على الأصح، بناء على أن الحقَّ لله تعالى، فإن قلنا: الحقّ للبائع .. لم يجبر، بل يثبت له الخيار بين الفسخ والإمضاء.

(وأنه لو شرط مع العتق الولاء له، أو شرط تدبيرَه أو كتابته أو إعتاقه بعد شهر .. لم يصحّ البيع) أما الولاء: فوجه بطلان البيع بشرطه: أنه شرط يتضمن نقلَ الملك إلى البائع وارتفاع العقد، ووجه الصحة: قوله عليه السلام في حديث بَريرة: "وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ" (٤)، وأجاب الشافعي بأن (لهم) هنا: بمعنى عليهم؛ كما في قوله


(١) أخرجها البخاري (٢٧٢٩)، ومسلم (٦/ ١٥٠٤) عن عائشة رضي الله عنها.
(٢) المجموع (٩/ ٣٤٦).
(٣) الشرح الكبير (٤/ ١١٤)، روضة الطالبين (٣/ ٤٠٥)، المجموع (٩/ ٣٤٨).
(٤) أخرجه البخاري (٢٧٢٩)، ومسلم (١٥٠٤) عن عائشة رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>