للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واختلف المشايخ في ترجيح القولين؛ فمنهم (١) من رجح مذهب البغداديين، وقد يستظهر هؤلاء بظاهر لفظه هذا في "المدونة" وإن كانت درجة الظن أرفع من الشك، ويأتي بمعنى اليقين، لكن تأوله بعضهم (٢) بمعنى الشك. ومنهم (٣) من رجح قول ابن عبيد والتفريق بين الوقتين, لأنه أولاً الأكل له مباح، فلا يحرم عليه إلا بيقين، ولا يصح حكم الانتهاك إلا بتيقن تحريمه عليه، وآخر النهار هو في حكم الصوم، والفطر عليه حرام إلا بيقين (٤) انقضاء النهار، فهو منتهك ما لم يتيقن انقضاء النهار.

[ز ٥٣] وقد أراد بعض شيوخنا (٥) أن يجمع بين القولين وقال: لعل البغداديين أرادوا بالشك هنا غلبة الظن فيستوي الفطر في الوقتين. وهذا يبعد؛ لأن الشك شيء وغلبة الظن شيء آخر غيره، وأحكامهما مختلفة كأسمائهما وحدودهما.

وحديث (٦) ابن مهدي عن سفيان الثوري في باب الذي يرى هلال رمضان وحده. في رواية إبراهيم بن محمَّد: ابن وهب، مكان ابن مهدي.

وقول سحنون: وأخبرني ابن وهب وابن القاسم عن مالك فيمن رأى هلال شوال نهاراً، كذا عند شيخنا أبي محمَّد بن عتاب. وعند شيخنا القاضي أبي عبد الله بن عيسى: "قال ابن وهب: وقال لي مالك"، وذكر المسألة. وقائل ذلك ابن وهب, لأنه تقدم قبل في الآثار ذكره. ثم قال آخر المسألة (٧): "وقال ابن القاسم عن مالك مثله"، فاتفقت الروايتان باختلاف المساق.


(١) كأبي عمران كما في تهذيب الطالب: ١/ ٩٢ أوابن يونس في الجامع: ١/ ٢١٨.
(٢) أشار ابن رشد إلى هذا المتأول في المقدمات: ١/ ٢٤٩.
(٣) يبدو هذا من قول ابن رشد في المقدمات ١/ ٢٤٩: "انفرد ابن عبيد بإتقان هذه المسألة"، وانظر حاشية الرهوني: ٢/ ٣٦٤.
(٤) كذا في ز وفي غيرها: بتيقن. وكلاهما صالح.
(٥) هو ابن رشد في المقدمات: ١/ ٢٥٠.
(٦) المدونة: ١/ ١٩٤/ ٣.
(٧) المدونة: ١/ ١٩٥/ ٨.