للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد أبى جمهور المشايخ (١) أن يقال إنها غير الذات ولا خلافها ولا هي هي. وأجاز القاضي أبو بكر (٢) وغيره إطلاق المخالفة وأبى من المغايرة. ولم ينكر الجويني (٣) المغايرة بين كل شيئين كل النكير وقال: لا يقطع على تخطئة من قال ذلك، وأبى إطلاقه في الذات والصفات.

وإذا رد الكلام إلى حد الغيرين على مذهب أئمتنا - وهو ما جازت بينهما المفارقة (٤) - امتنع إطلاق هذا في الصفات والذات.

ويلزم على من رتب الكفارة على ترتيب الصفات أن يرتب الكفارات في الأسماء على ذلك، فقد اختلف فيها أيضاً:

فذهب جمهور المشايخ أنها كلها راجعة إلى شيء واحد وإن اختلفت معانيها.

ومذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري (٥) انقسام الكلام فيها؛ فمنه ما يقال هو هو، وذلك كل ما دل من الأسماء على الوجود، كالله على من لم يجعله (٦) مشتقاً، وكقديمٍ وباقٍ ودائمٍ. ومنها ما يقال: إنها غيره، وهو كل ما دل الاسم علَى صفة فعل كالخالق والرازق. ومنه ما لا يقال فيه: لا هو هي، ولا هي غيره، وهو كل ما دل


(١) مثل عبد الحق في التهذيب: ٢/ ٩٤ ب.
(٢) هو محمد بن الطيب الباقلاني أبو بكر، الإمام العلامة أوحد المتكلمين ومقدم الاصوليين، من شيوخه في الفقه أبو بكر الأبهري، وإليه انتهت رئاسة المالكية في وقته. وكان يلقب بشيخ السنة ولسان الأمة. توفى ٤٠٣ (انظر سير أعلام النبلاء: ١٧/ ١٩٠ والمدارك: ٧/ ٤٤ - ٧٠).
(٣) هو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف أبو المعالي الجويني إمام الحرمين، الإمام الكبير شيخ الشافعية، وادعاه المالكية أيضاً. توفي ٤٧٨ (انظر السير: ١٨/ ٤٦٨ والمدارك: ٥/ ٢٤ - ٣٠).
(٤) كذا في ق وع ول وس وح وليست واضحة في خ.
(٥) هو علي بن إسماعل بن إسحاق إمام المتكلمين، انظر السير: ١٥/ ٨٧.
(٦) في حاشية الرهوني: ٣/ ٧٥ نقلاً عن المؤلف: من يجعله.