٢ - وحفظ الله تعالى نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - من أمر الجاهلية. سواء أكان ذلك في ستر عورته أم كان في إلقاء النوم عليه يوم قرر السمر في مكة، أم كان في بعده عن الأصنام وبغضه لها، أم كان في وقوفه في عرفات من دون قومه، وهو درس لكل داعية في الأرض أن يكون على منهج الله تعالى في سلوكه وعمله، ولو كلفته الاستقامة على هذا المنهج، العنت من الناس، واللوم والإعراض منهم، والأذى والتشهير كذلك.
وبعد الآيات البينات من القرآن الكريم والسنة المطهرة فلا عذر للداعية في مجاراة قومه في منكر عاداتهم، وضلال سلوكهم، وانحراف عقيدتهم.
وما لم يكن الداعية قواما على الحق في قومه، فلن يستطيع أن يقودهم إلى النور، ويخرجهم من الظلمات، والتميز والمفاصلة في السلوك والموقف والعقيدة. أمر أساسي بالنسبة للدعاة إلى الله.
والذين يضعفون أمام إغراءات الجاهلية يسقطون في مجتمعاتهم قبل أن يسقطوا في نفوسهم.
٣ - لكن هناك خطا فاصلا واضحا يحسن أن يتبينه الدعاة إلى الله؛ هذا الخط هو الذي يحدد التعامل مع المجتمع الذي يعيشون فيه، فالمشاركة في أمور الخير والعمل لدفع الأذى والظلم، والعطف على آلام الناس والشعور بأحاسيسهم والتعايش مع أفراحهم، والموأساة في أحزانهم- ما لم يكن في ذلك منكر أو إثم- هذه واجبات على الداعية أن يؤديها، ويساهم فيها، وليست تفضلا يتفضل به على الناس.