وذلك لأن الذين يداهنون وينافقون يسقطون وتسقط دعوتهم معهم، ولا يلقون عند الناس إلا الاستخفاف، حتى عند خصومهم الذين يحاربونهم ليفتنوهم عن دينهم فحين يفتنون ويسيرون في ركاب الطغاة، يصبحون في حس هؤلاء الطغاة عبيدا أذلاء، لا يمكن أبدا أن يتأثروا بهم. أو يسمعوا إليهم، بينما يكبر فى عين الناس أولئك المجاهدون الذين يضحون بأرواحهم وحياتهم وأموالهم في سبيل دعوتهم، ويرتفعون هم ودعوتهم في قلوب الناس: الأصدقاء والخصوم، ويبحث الناس عن سر هذه الدعوة التي جعلت هؤلاء الناس يضحون بحياتهم في سبيلها.
(فعن المغيرة بن شعبة قال: أول يوم عرفت رسول الله (ص) أني أمشي أنا وأبو جهل بن هشام في بعض أزقة مكة، إذ لقينا رسول الله (ص) فقال رسول الله (ص) لأبي جهل: ((يا أبا الحكم! هلم إلى الله وإلى رسوله، أدعوك إلى الله)) فقال أبو جهل: يا محمد هل أنت منته عن سب آلهتنا؟ هل تريد إلا أن نشهد أنك قد بلغت؟ فنحن نشهد أن قد بلغت، فوالله لو أني أعلم أن ما تقول حق لاتبعتك، فانصرف رسول الله (ص)، وأقبل علي فقال: والله إني لأعلم أن ما يقوله حق، ولكن يمنعني شيء، إن بني قصي قالوا فينا الحجابة، فقلنا: نعم، ثم قالوا فينا السقاية، فقلنا نعم، ثم قالوا: فينا