في عهد ملوك الطوائف قبل قرنين من الميلاد هاجر القحطانيون وسكنوا ريف العراق. وتبعهم بعض العدنانيين وعندما استعاد الفرس قوتهم عام ٢٢٦ م على عهد أردشير استولوا على العرب المقيمين على تخوم ملكه ورأى أنه لا يستطيع أن يحكم العرب ما لم يجعل عليهم رجلا منهم له عصبة تؤيده وتمنعه. وكان عمرو بن عدي أول ملوك الحيرة وتتابع الملوك بعد وكان أشدهم النعمان بن المنذر الذي غضب عليه كسرى بسبب وشاية دبرها له زيد بن عدي العبادي، وكانت وقعة ذي قار المشهورة بين العرب والعجم حيث انتصر فيها العرب وكان ذلك في أيام ولادة النب - صلى الله عليه وسلم -. وولى كسرى بعدها على الحيرة حاكما فارسيا ثم أعاد الملك إلى آل لخم عام ٦٣٢ م حتى تولى المنذر الملقب بالمعرور ولم تزد ولايته على ثمانية أشهر حتى قدم خالد بن الوليد رضي الله عنه بعساكر المسلمين.
لقد كان لهم مظاهر الملك، أما في حقيقة الأمر فكانوا صنيعة بيد الفرس، يحاربون بهم الغساسنة العرب في الشام لتهيئة مصالح فارس، ولا نزال
(١) يحدثنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه الترمذي عن فروة بن مسيك المرادي رضي الله عنه قال: (وأنزل في سبأ ما أنزل فقال رجل يا رسول الله وما سبأ أرض أو امرأة قال: ليس بأرض ولا امرأة ولكنه رجل ولد له عشرة من العرب فتيامن منهم ستة، وتشاءم منهم أربعة. فأما الذين تشاءموا فلخم وجذام وعاملة وعسان. وأما الذين تيامنوا: فالأزد والأشعريون وحمير ومذحج وإنمار وكندة. فقال رجل: يا رسول الله وما أنمار؟ قال الذين منهم خثعم وبجيلة. وقال الترمذي: وروى هذا عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: هذا حديث حسن غريب. ك. تفسير القرآن ج ٢ باب ٣٥ ص ٣٦١. وهكذا نرى أن أصل الغساسنة والمناذرة من أصل واحد وينتمون إلى سبأ، ومعظم قبائل اليمن كذلك.