للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بفعلهم أن قوله سحانه {من أول يوم} أن ذلك اليوم هو أول أيام التاريخ الذي يؤرخ به الآن.

فإن كان أصحاب رسول الله (ص) أخذو هذا من الآية، فهو الظن بأفهامهم، فهم أعلم الناس بكتاب الله وتأويله، وأفهمهم بما في القرآن من إشارت وإفصاح، وإن كان ذلك منهم عن رأي واجتهاد، فقد علم ذلك منهم قبل أن يكونوا، وأشار إلى صحته قبل أن يفعل. إذ لا يعقل قول القائل فعلته أول يوم إلا بإضافة إلى عام أو شهر معلوم أو تاريخ معلوم. وليس هاهنا إضافة في المعنى إلا إلى هذا التاريخ المعلوم لعدم القرائن الدالة على غيره من قرينة لفظ أو قرينة حال، فتدبره ففيه معتبر لمن ذكر، وعلم لمن رأى بعين فؤاده واستبصر والحمد لله) (١).

[ثالثا: دور الشباب والمرأة في الهجرة]

وحين نراجع الرصيد الضخم من أحداث الهجرة، نلاحظ أن الذين نفذوا مخطط الهجرة، والعناصر التي اعتمدها عليه الصلاة والسلام للتنفيذ من غرر الشباب والنساء، ونلحظ ذلك فيما يلي:

١ - فالذي تحمل ابتداء مسؤولية المواجهة والدعوة في المدينة والذي أنزل مصعب بن عمير عنده، والذي عرض حياته للخطر والموت، هو أسعد


(١) الروض الأنف لليهيلي ٢٤٦/ ٢. واعتبار بداية التاريخ من الهجرة ثابت لكن ابتداء من ربيع الأول هو رواية السهيلي عن الإمام مالك. وجمهور الأئمة على أن المحرم منصرف الناس من الحج هو الشهر الذي ابتدىء به التاريخ. انظر البداية والنهاية لابن كثير ٣/ ٢٢٧.

<<  <   >  >>