للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كنانة، وقتل عروة الرحال على يدي البراض بن قيس، وهاجت الحرب بين القبيلتين (١)، وقد أدت هذه التجارة إلى تكوين طبقة من الأثرياء والمترفين مقابل طبقة من الفقراء والمعدمين المنبوذين.

ولا أدل على ذلك مما يعرضه القرآن من صورة الملأ المكذبين بالدين المترفين مقابل ما يعانيه الفقراء والمعذبون الذين تمثلوا بالمساكين والذين لا يجدون قوتهم الضروري ولا كسوتهم التي تقيهم حر الصيف وقر الشتاء. بل أوقف الملأ من قريش سماعهم للدعوة على ضوء إبعاد العبيد والموالي والفقراء من مجلسهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (٢).

[الحالة الخلقية]

(لا ينكر أن أهل الجاهلية كانت فيهم دنايا ورذائل وأمور ينكرها العقل السليم ويأباها الوجدان، ولكن كانت فيهم من الأخلاق الفاضلة المحمودة ما يروع الإنسان ويفضي به إلى الدهشة والعجب، فمن تلك الأخلاق:

(١) الكرم، وكانوا يتبارون في ذلك ويفتخرون به، وقد استنفذوا فيه نصف أشعارهم بين ممتدح به ومثن على غيره. كان الرجل يأتيه الضيف في شدة البرد والجوع، وليس عنده من المال إلا ناقته التي هي حياته وحياة


(١) السيرة النبوية لابن هشام ١/ ١٨٤.
(٢) وأنزل الله قوله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين} الأنعام: ٥٢

<<  <   >  >>