للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى أن إحدى المرتين كان في غنم يرعاها هو وغلام من قريش. فقال لصاحبه: اكفنى أمر الغنم حتى آتي مكة ... وفي المرة الثانية قال لصاحبه مثل ذلك. وألقى عليه النوم فيها كما ألقى في المرة الأولى. ذكر هذا المعنى ابن إسحاق في غير رواية البكائى. وفي غريب الحديث للقتبي:: ((بعث موسى - صلى الله عليه وسلم - وهو راعي غنم، وبعث داود - صلى الله عليه وسلم - وهو راعي غنم، وبعثت وأنا راعي غنم أهلي بأجياد)). وإنما جعل الله هذا في الأنبياء تقدمة لهم، ليكونوا رعاة الخلق، ولتكون أممهم رعايا لهم. وقد رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنه ينزع على قليب (١) وحولها غنم سود، وغنم عفر (٢). قال: ثم جاء أبو بكر رضي الله عنه فنزع نزعا ضعيفا والله يغفر له. ثم جاء عمر فاستحالت غربا (٣) (يعني الدلو)، فلم أر عبقريا يفري فريه)) (٤) فأولها الناس الخلافة لأبي بكر وعمر رضي الله عنه، ولولا ذكر الغنم السود والعفر لبعدت الرؤيا عن معنى الخلافة والرعاية، إذ الغنم السود والعفر عبارة عن العرب والعجم. وأكثر المحدثين لم يذكروا الغنم في هذا الحديث، ذكره البزار في مسنده، وأحمد بن حنبل في مسنده، وبه يصح المعنى، والله أعلم) (٥).

[التجارة]

عن جابر بن سمرة أو رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (كان النبي


(١) ينزع على قليب: يمتح الماء من البئر.
(٢) عفر: ما خالط بياض حمرة.
(٣) استحالت غربا: أي علت وفاضت.
(٤) يمتح في سقيه ودلائه.
(٥) الروض الأنف للسهيلي ١/ ١٩٣.

<<  <   >  >>