عمر رسول الله (ص) يضاعف. ويبلغ خمسين عاما. يتجاوز الشباب والكهولة. وليس عنده إلا امرأة واحدة هي خديجة رضي الله عنها تكبره بخمسة عشر عاما. وهو أطهر أهل الأرض. وماذا يبقى من الصبوة والشباب بعد الخمسين؟
وقد لخص رسول الله (ص) خلاصة حياتها معه في حواره مع عائشة رضوان الله عليها:
(كان رسول الله (ص) إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من ثناء عليها واستغفار لها فذكرها يوما فحملتني الغيرة. فقلت: لقد عوضك الله من كبيرة السن! قال، ((فرأيته غضب غضبا أسقطت في خلدي.)) وقلت في نفسي. اللهم إن ذهب غضب رسولك عني لم أعد أذكرها بسوء، فلما رأى النبي ما لقيت. قال:((كيف قلت؟. والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، ورزقت منها الولد وحرمتموه مني.))). قالت: فغدا وراح علي بها شهرا) (١).
لقد كانت رضي الله عنها رفيقة دربه، وعاشت المحنة كلها. فكانت بلسما لجراحه. ومضت في التاريخ أول من آمن به في الأرض.
وكان عام وفاتها ووفاة عمه أبي طالب. هو عام الحزن.
[المرحلة الثالثة: حتى الخامسة والخمسون من العمر]
٣ - ثم كان الزواج بعائشة وسودة رضوان الله عليهما. وقد جاوز رسول الله
(١) سير أعلام النبلاء للذهبي، وإسناد الحديث حسن / ١١٢.