ويتحدث القرآن عن جبنهم وهلعهم في أربع آيات تؤكد هذا المعنى الذي ذكره سعد بن معاذ رضي الله عنه فهم يريدون الفرار من المعركة، ولو وطىء العدو أرضهم لأجابوه للفتنة عن دينهم والتخلي عن عقيدتهم ولا أدل على ذلك من خوفهم من الموت أن يجتاحهم في أرض المعركة، وكأنما هم بمنجاة منه في غيرها. وتزعزع عقيدتهم ووهنها هو الذي يدفعهم إلى هذا الموقف. لأن الضر والنفع بيد الله عز وجل وحده. والفرار لن يحول بينهم وبين الموت أو القتل. والمؤمن الصادق يوقن بأن النصر بيد الله، والنفع والضر بيد الله. والموت والحياة بيد الله. وهؤلاء المنافقون ليسوا من هذا الطراز.
٣ - الفريق الثالث: هم المعوقون الذين كانوا يخذلون عن رسول الله (ص). والقابعون في جحورهم في المدينة. وهم جبناء مثل أسلافهم. لكنهم لخذلاتهم وتخاذلهم عن رسول الله (ص) أصبح مهوى قلوبهم مع العدو. وكان الوصف دقيقا لاذعا لهم {فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك كالذي يغشى عليه من الموت} طارت قلوبهم من صدورهم رعبا وهؤلاء حكم القرآن عليهم أنهم غير مؤمنين {أولئك لم يؤمنوا فأحبط أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا} وهم على استعداد أن يتركوا المدينة ومن فيها إذا حاق الخوف واشتدت المصيبة. وأمام هذه النماذج الثلاثة نلحظ أن مواصفاتهم هي التي تستغرقها الآيات في الوصف. أما حجمهم فهو ضئيل. رغم أن الفرصة مواتية لبروزهم من أوكارهم. خاصة حين اشتدت المحنة. وابتلي المؤمنون، وزلزلوا زلزالا شديدا.
إن المشكلة ليست هي الخوف. فالمؤمنون يخافون، إنما المشكلة هي بواعث الخوف ونتائجه. وارتباط ذلك بالإيمان وعدمه.