وبذلك يتبين أن الحكم بوضع الوثيقة مجازفة، ولكن الوثيقة بمجموعها لا ترقى إلى مرتبة الأحاديث الصحيحة، فابن إسحاق في سيرته رواها دون إسناد مما يجعل روايته ضعيفة، وأوردها البيهقي عن طريق ابن إسحاق أيضا بإسناد فيه سعد بن المنذر وهو مقبول فقط. وابن أبي خيثمة أوردها من طريق كثير المزني وهو يروي الموضوعات، وأبو عبيد القاسم بن سلام رواها بإسناد منقطع يقف عند الزهري وهو من صغار التابعين فلا يحتج بمراسيله. ولكن نصوصا من الوثيقة وردت في كتب الأحاديث بأسانيد متصلة وبعضها أوردها البخاري ومسلم فهذه النصوص هي من الحديث الصحيح، وقد احتح بها الفقهاء وبنوا عليها أحكامهم كما أن بعضها ورد في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود وابن ماجة والترمذي. وهذه النصوص جاءت من طرق مستقلة عن الطرق التي ودرت منها الوثيقة وإذا كانت الوثيقة بمجموعها لا تصلح للاحتجاج بها في الأحكام الشرعية، سوى ما ورد منها في كتب الحديث الصحيح. فإنها تصلح للدراسة التاريخية التي لا تتطلب درجة الصحة التي تقتضيها الأحكام الشرعية، خاصة وأن الوثيقة وردت من طرق عديدة وتتضافر في إكسابها القوة. كما وأن الزهري علم كبير من الرواد الأوائل في كتابه السيرة النبوية. ثم إن أهم كتب السيرة ومصادر التاريخ ذكرت موادعة النبي (ص) لليهود وكتابته بينه وبينهم كتابا، كما ذكرت كتابا بين المهاجرين والأنصار أيضا). انظر المجتمع النبوي في عهد النبوة ص ١٠٨ - ١١١.