للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو وقفنا عند هذه الآيات وفقهها نلحظ ما يلى:

١ - الفريق الأول: يقولون: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا. فهم قد حضروا المعركة وأمام هول الصدمة وعنف المحنة انهار إيمانهم، وكشفت خبيئة نفوسهم فقالو هذه المقالة. وكتب السيرة تذكر هذا القول أو قريبا منه عن معتب بن قشير إذ قال في ساعات الخوف والزلزلة بعد أن سمع بشريات رسول الله (ص) بالفتح المبين لهذا الدين في أقطار الأرض: (يعدنا محمد أن نأكل كنوز كسرى وقيصر وأحدنا لا يأمن من أن يذهب إلى حاجته، ما وعدنا الله ورسوله إلا غروز) (١).

وطبيعة هذا القول تشي بأنه قول مخنوق يقال في الخفاء بين مجموعة موثوقة تقبل هذا المعنى على الأقل ويحسب هؤلاء أن أمرهم لن يظهر، وقولهم لن يكشف. لكن القرآن الكريم لاحق مؤامراتم وكذبهم إلى كل جحر يلتقون فيه. وهم على كل حال يمثلون كل طوائف المنافقين. فقد تزلزل إيمانهم. واعتبروا أنفسهم متورطين بهذا الإيمان.

٢ - الفريق الثاني: وهو وضع طائفة محددة تذكر حوادث السيرة أنهم بنو حارثة. وهي إحدى الطائفتين اللتين همتا أن تفشلا يوم أحد إذ قالو (إن بيوتنا عورة وليس دار من دور الأنصار مثل دارنا. ليس بيننا وبين غطفان أحد يردهم عنا. فاذن لنا فلنرجع إلى دورنا فنمنع ذرارينا ونساءنا. فأذن لهم (ص). فبلغ سعد بن معاذ ذلك. فقال: يا رسول الله لا تأذن لهم إنا والله ما أصابنا وإياهم شدة إلا صنعوا هكذا.) (٢)


(١) إمتاع الأسماع للمقريزى ٢٢٨/ ١.
(٢) إمتاع الأسماع للمقريزي ٢٢٩/ ١.

<<  <   >  >>