لقد بقي الرسول - صلى الله عليه وسلم - يلعب مع الغلمان مشدودا عليه إزاره وحده من دون رفاقه، وبقي يشارك في بناء الكعبة مع لداته وأعمامه وقد شد عليه إزاره وستر عورته- ولم يكن أوحي إليه بعد أو أمر بالتبليغ والدعوة-.
٥ - بينما ألقي عليه النوم - صلى الله عليه وسلم - حين مضى يسمر في مكة مع السامرين. وحيل بينه وبين سماع اللهو والمعازف، فلا ينفع في هذه الأمور الحلول الوسط، والتساهل من الدعاة في هذه الجوانب هو الذي مكن من التساهل في استعمال التلفاز في كل بيت، وهو الذي يحوي الغث والثمين، والمعازف فيه تكاد تملأ معظم برامجه، وقلما ينجو من إثم هو أو أحد أهل بيته وهو يستمع لها أو يسكت على سماعها.
٦ - وحضور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحلف الفضول وهو من الممثلين لبني هاشم فيه مع أعمامه وهو الفتى الحدث، فقد كان عمره قرابة العشرين عاما، ليدل دلالة واضحة على رجحان وزنه في قومه، ومدى شعوره بالتزامه بمبادىء هذا الحلف، خاصة أن الذي دعا له عمه الزبير بن عبد المطلب. ولو أعطي حمر النعم فلن ينكث فيه، ولو دعي فيه في الإسلام لأجاب، فقد كان الحلف المذكور واحة في تيه الجاهلية التي تنطلق من نصرة الأخ ظالم أو مظلوم. وكان توطئة لقدوم الإسلام الذي ضرب الجاهلية من جذورها وأتاهما من قواعدها.
وما أحوج الدعاة إلى الله أن يفقهوا هذا الدروس، فيكونوا المنارة الهادية في مجتمعهم في محاربة الظلم، ومواجهة الظالمين، ودفع الأذى عن المضطهدين والمظلومين.