وحين يكون صاحب الكلمة الفصل فيهم عن حب وإعجاب واحترام، يكون قادرا على أن يوظف هذا الجاه كله لخدمة دعوته، ولنشر الإسلام في صفوف عشيرته وقومه، ويكون قد هيأ الأرض الخصبة للبذرة الصالحة التي يغرسها فتنمو وتترعرع، ثم تزهر وتثمر، وتعطي أحسن الجني، وأطيب الثمار.
٨ - ويستوقف المسلم قول أبي وهب بن عمرو بن مخزوم:(لا تدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيبا، لا يدخل فيها مهر بغي، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد من الناس).
فقد كان الجاهليون يدكرون في حسهم مفهوم الحلال والحرام، وحين يقدمون على أمثال هذه المعاملات- المذكورة آنفا- يعلمون أنهم يقدمون على إثم أو على شيء خبيث، ومن أجل ذلك وتشريفا للكعبة- زادها الله شرفا- حرصوا على أن لا يدخل في بنائها هذا المال الحرام، الذي هو ثمرة زنا أو ربا أو مظلمة لأحد من الناس، وهذا خبيث كله لأن غيره هو الكسب الطيب.
وإن كان الجاهليون يدركون هذه المعاني من حيث الفطرة السوية التي تنفر من هذا الخبيث كله، والتي تعرف أنه ظلم وبغي، أو يدركونه من بقايا الحنيفية دين إبراهيم، وهي الفطرة الأولى {ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين}(١) فالنتيجة واحدة، والممارسات الخاطئة