للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى منزله) (١).

...

١ - المجتمع المكي يعج بالوثية، وبالطقوس الدينية التي لا تنتهي من النذور والقرابين لغير الله، ومن التمسح بالأحجار والأوثان، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يبغض شيئا كما يبغض هذه الأمور، وقد رأينا كيف أحرج مرة في حضور عيد لقومه عند صنم بوانة، ثم رفض وابتعد، فما حضر لهم عيدا قط، كيف قال لبحيرى الراهب عندما سأله:

- يا غلام أسألك بحق اللات والعزى إلا أخبرتني عما أسألك عنه؟

- ((لا تسألني باللات والعزى شيئا، فوالله ما أبغضت شيئا قط بغضهما)).

إنه يحس عليه الصلاة والسلام بالنفور التام من هذا المجتمع الوثني، ولم ير بدا من الخلوة بعيدا بعيدا عن هذه الأجواء الملوثة يتفكر


(١) السيرة النبوية لابن هشام ١/ ٢٣٥ - ٢٣٩، ويقول السهيلي في تعليقه بعض نقاط الاختلاف بين الروايتن: (وذكر نزول جبريل على رسول - صلى الله عليه وسلم -. قال في الحديث، فأتاني وأنا نائم)) وقال في آخره: ((فهببت في نومي فكأنما كتبت في قلبي كتابا)). وليس ذكر النوم في حديث عائشة ولا غيرها، بل في حديث عائشة ما يدل ظاهره على أن نزول جبريل حين نزل بسورة اقرأ كان في اليقظة لأنها قالت في أول الحديث: (أول ما بدىء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرؤيا الصادقة، كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ..) وقد يمكن الجمع بين الحديثين بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه جبريل في المنام قبل أن يأتيه في اليقظة، توطئة وتيسيرا عليه ورفقا به، لأن أمر النبؤه عظيم، وعبؤها ثقيل، والبشر ضعيف، وسيأتي في حديث الإسراء من مقالة العلماء ما يؤكد هذا ويصححه). انظر الروض الأنف للسهيلي ١/ ٢٦٨، ٢٦٩.

<<  <   >  >>