(وعن عقيل بن أبي طالب قال: جاءت قريش إلى أبي طالب، فقالوا: إن ابن أخيك قد آذانا في نادينا ومسجدنا فانهه عنا، فقال: يا عقيل انطلق فائتني بمحمد، فانطلقت إليه فاستخرجته من كنس - يقول بيت صغير - فجاء به في الظهيرة في شدة الحر، فلما أتاهم قال: إن بني عمك زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم: فانته عن أذاهم. فحلق رسول الله ببصره إلى السماء، فقال: ((ترون هذه الشمس؟)) قالوا: نعم. قال:((فما أنا بأقدر أن أدع ذلك منكم على أن تشتعلوا منه شعلة)) فقال أبو طالب: والله ما كذب ابن أخي قط فارجعوا) (١).
وفشلت المحاولة الثانية في أن تزحزح محمدا (ص) قيد شعرة عن دعوته ودينه فإذا كان الجوار ولابد، فعلى أن يمضي رسول الله (ص) في أمره كما أمره الله، ولو أعطي النيرين الشمس والقمر، وعلى الرواية الأخرى: أخذ شعلة من الشمس، أسهل من ترك كلمة حق يصدع يها في سبيل الله.
ثم كانت المحاولة الثالثة:
(ج)(ثم إن قريشا حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله (ص) وإسلامه وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوتهم، مشوا إليه بعمار بن الوليد ابن المغيرة، فقالوا له - فيما بلغني - يا أبا طالب هذا عمار بن
(١) البداية والنهاية لابن كثير ٤٦/ ٣،٤٧. وقال: رواه البخاري في التاريخ والبيهقي واللفظ له. الدلائل ١٨٦/ ٢،١٨٧.