للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يمنعوه، ويقول: ((لا أكره منكم أحدا على شيء، من رضي الذي أدعو إليه قلبه، ومن كرهه لم أكرهه، إنما أريد أن تحوزوني مما يراد بي من القتل، فتحوزوني حتى أبلغ رسالات ربي، ويقضي الله لي ولمن صحبني بما شاء)) فلم يقبله أحد منهم، ولا أتى على أحد من تلك القبائل إلا قالوا: قوم الرجل أعلم به، أفترى رجلا يصلحنا وقد أفسد قومه، وذلك لما أذخر الله عز وجل للأنصار من البركة) (١).

...

إنها صورة واضحة بينة تؤنكد بحث رسول الله (ص) عن مكان آمن في أرض العرب يحميه حتى يؤدي رسالة ربه سواء أآمن هذا المجير به أم لم يؤمن، ولم تعد مكة دار أمان لرسول الله (ص)، فلا بد من البحث عن موقع جديد، والحبشة تصلح موقعا احتياطيا لا رئيسيا لبعدها عن مركز الانطلاق، وتجمع العرب، ومن الصعب أن تنتشر الدعو ابتداة خارج البيئة العربية.

ومن نماذج هذا العرض ما روه جابر بن عبد الله ضي الله عنهما قال:

كان رسول الله (ص) يعرض نفسه على الناس بالموقف، فيقول هل من رجل يحملني إلى قومه، فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي عز وجل، فأتاه رجل من همذان فقال: ((ممن أنت؟)) فقال الرجل: من همذان.

فقال: ((هل عند قومك من منعة؟)) قال: نعم. ثم قال: إن الرجل خشي أن يخفره قومه، فأتى رسول الله (ص) فقال: آتيهم أخبرهم، ثم آتيك


(١) مغازي رسول الله (ص) لعروة بن الزبير ١١٧.

<<  <   >  >>