٢ - ثم كان افتتاح السموات العلا، واحدة إثر الأخرى بعد الاستئذان من جبريل عليه الصلاة والسلام، وإعلامهم بمصاحبة النبي (ص) له، ثم لقاؤه مع النبي المقرر اللقاء معه في هذه السماء، هو إشعار النبي (ص) أن حدوده ليست مكة وقريش وثقيف .. إنه نبي هذا الوجود كله، الذي يستبشر بقدومه ملائكة السماء وحفظتها، وينتظرون بعثته، ويتهيؤون لاستقباله، والأنبياء هم مستبشرون به، وعارفون لفضله، ومقروق بنبوته وفضله، إنه هو العبد الذي يسير بصحبة جبريل عليه الصلاة والسلام إلى أماكن لم تخطر على خلد بشر، يرى عليه الصلاة والسلام هذه الآفاق وهذا الملكوت وحدوده قبل هذه الرحلة بصرى في الشام والطائف في الحجاز.
٣ - وإذا كان جبريل عليه الصلاة والسلام هو الذي يجوب بمحمد (ص) آفاق السموات والأرض، ويقدمه للملائكة والنبيين، فلجبريل نفسه حدود لا يتجاوزها، فعند سدرة المنتهى رأى رسول الله (ص) جبريل للمرة الثالثة كذلك على صورته التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح، فلئن رآه قبل في حراء وفي الأبطح. وهو الفرد العادي إنه يراه الآن، حيث يقف جبريل ويتقدم النبي (ص)، إلى المثول بين يدي الرب الأعلى، يتلقى منه مباشر دون واسطة، ودون رسول .. يسمع من ربه، ويحفل به الله تعالى، فيريه من الآيات ما لا يستطيع أحد وصفه، وتتجلى أنوار الحضرة الإلهية عليه، فأنى التفت وأنى سار يرى النور.
٤ - وفي هذا اللقاء المنفرد، شاء رب العزة من كل أحكام هذه الشريعة، أن يتلقى رسوله أمر الصلوات الخمس هناك، وكأنما الهدف من هذا اللقاء هو هذا