للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد كان الجهاد ابتداء ممنوعا ثم صار مأذونا به ثم مأمور به.

وكان الجهاد في المرحلة الأولى يقوم على الصبر على الابتلاء، وتحمل المحن في سبيل الله.

ويشير الشهيد سيد قطب رحمه الله إلى فقه منع الجهاد في هذه المرحلة، وهو يفسر قول الله عز وجل: {ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيدكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا} (١). يقول الله:

(... وبهذا الأدب الواجب نتناول حكمة عدم فرض الجهاد في مكة، وفرضيته في المدينة، نذكر ما يتراءى لنا من حكمة وسبب .. على أنه مجرد احتمال .. وندع ما وراءه لله .. لا نفرض على أمره أسبابا وعللا لا يعلمها إلا هو، ولم يحددها هو لنا، يطلعنا عليها بنص صريح.

إنها أسباب اجتهادية تخطئء وتصيب، وتنقص وتزيد، ولا ينبغي بها إلا مجرد تدبر أحكام الله، وفق ما تظهره لنا الأحداث في مجرى الزمان.

(أ) ربما كان ذلك لأن الفترة المكية كانت فترة تربية وإعداد، في بيئة معينة، لقوم معينين، وسط ظروف معينة. ومن أهداف التربية والإعداد في مثل هذه البيئة بالذات، تربية نفس الفرد العربي على الصبر على ما لا يصبر عليه عادة من الضيم يقع على شخصه، أو على من يلوذون به،


(١) النساء ٧٧.

<<  <   >  >>