وتبقى هذه الصورة كاملة بجوار النفاق الذي نجم والذي أخذ المساحة الأكبر في سوره الأحزاب في الحديث عن الغزوة، ليتضح أن الصف ليس خالصا كله، وليس نقيا كله، ولا يزال للمنافقين وجود واضح فيه، والذي تصاغر وسقط وانحط أمام تدخل ريب العالمين.
٩ - والانضباط العظيم الذي شهدناه لدى حذيفة رضي الله عنه، ما أحوج الشباب إلى التأسي به في أبرز نقاطه.
(أ) يوم دعا الشباب إلى تخفيف غلوائهم، وهم يتصورون الواقع نظريا، وأنهم لو كانوا هناك أيام رسول الله (ص) لما تركوه يمشي على الأرض، فنزل بهم إلى أرض الواقع في الصف الإسلامي - خيرة أهل الأرض.
(ب) في تحديد مستوى الجندي الملتزم الذي لا ينبغي له أن يتراجع أو يتلكأ أو يعتذر حين يكلف بشخصه وعينه (فلم يكن لي بد أن أقوم حين دعاني رسول الله (ص) باسمي) من دون أن يتهم أحدا بدينه أو يشكك في عقيدته حين كان الأمر تطوعا لا فريضة.
(ج) وفي التزامه يوم وضع سهمه، ولم يكن إلا أن يرمي به أبا سفيان فيقتله، ورنت في أذنه كلمة قائده الحبيب ((لا تحدثن بهم حدثا)) فنزع سهمه وأقلع عن رميه التزاما بأمر قائده.
١٠ - وكانت الخندق فعلا نهاية ليل طويل ومحنة قاسية امتدت ما ينوف عن سنتين، كان المسلمون فيها في محن متتابعة، وطمعت العرب بهم بعد أحد، إلى أن آذن الله تعالى بانتهاء هذه المرحلة، حيث بلغت المحنة