للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته يقول. قال: سمعته يقول كذا وكذا. فحدثهم بما قال النبي (ص)، فقام عروة بن مسعود الثقفي، فقال: أي قومي ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى. قال: أولست بالولد؟ قالوا: بلى. قال: فهل تتهموني؟ قالوا: لا. قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ. فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى. قال: فإن هذا قد عرض لكم خطة رشد فاقبلوها، ودعوني آته، فقالوا: فأته. فأتاه.

قال: فجعل يكلم النبي (ص) نحوا مما قاله لبديل. فقال عروة عند ذلك: أرأيت إن استأصلت قومك هل سممت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك، وإن تكن الأخرى، فإني لأرى وجوها، وأرى أشوابا من الناس خليقا أن يفروا عنك. فقال أبو بكر: امصص بظر اللات، أنحن ننكشف عنه؟ فقال: من ذا؟ قال: أبو بكر. قال: أما والذي نفسي بيده لولا يدلك عندي لم أجزل بها لأجبتك. قال: وجعل يكلم النبي (ص). فكلما كلمه أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي (ص)، ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة يده إلى لحية النبي (ص) ضرب يده بنعل السيف، وقال: أخر يدك عن لحية رسول الله (ص)، فرفع عروة رأسه، قال: من هذا؟ فقالوا: المغيرة بن شعبة، فقال: أي غدر أولست أسعى في غدرتك .. ثم إن عروة جعل يرمق صحابة النبي (ص) بعينيه: فوالله ما تنخم رسول الله نخامة إلا وقعت في يد رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له، قال: فرجع

<<  <   >  >>