معرفة ذلك قصة هانئ بن مسعود الشيباني، والسموأل بن عادياء، وحاجب ابن زراة التميمى (١).
(٣) ومنها عزة النفس وإباء عن قبول الخسف والضيم، وكان من نتائج هذا فرط الشجاعة، وشدة الغيرة، وسرعة الانفعال، فكانوا لا يسمعون كلمة يشمون منها رائحة الذل والهوان إلا قاموا إلى السيف والسنان، وأثاروا الحرب العوان وكانوا لا يبالون بتضحية أنفسهم في هذا السبيل.
(٤) ومنها المضي في العزائم، فإذا عزموا على شيئ يرون فيه المجد والافتخار لا يصرفهم عنه صارف، بل كانوا يخاطرون بأنفسهم في سبيله.
(٥) ومنها الحلم والأناة والتؤدة، كانوا يمتدحون بها إلا أنها كانت فيهم عزيزة الوجود، لفرط شجاعتهم وسرعة إقدامهم على القتال.
(٦) ومنها السذاجة البدوية، عدم التلوث بلوثات الحضارة ومكائدها. وكان من نتائجه الصدق والأمانة والنفور من الخداع والغدر.
نرى أن هذه الأخلاق الثمينة- مع ما كان للجزيرة العربية من الموقع الجغرافي بالنسبة إلى العالم- كانت سببا في اختيارهم لحمل عبء الرسالة العامة، وقيادة الأمة الإنسانية والمجتمع البشري، لأن هذه الأخلاق وإن كانت
(١) قصة هانئ بن مسعود الذي استودع عنده حرم النعمان وسلاحه، ورفض تسليمها لكسرى. وكان هذا من مما هيج حرب ذي قار بين العرب والفرس. انظر أيام العرب يوم ذي قار ٦ - ٣٤. وكذلك قصة حاجب بن زرارة التميمي الذي منع الحارث بن ظالم المري حين التجأ إليه، وخاض حربا ضروسا مع بني عامر حفاظا على ذمته وهو يوم رحرحان. انظر أيام العرب ٣٤٤. وإجارة السمؤال بن عاديا لأمرئ القيس وأهله. أيام العرب ١٢٠.