تتم نهاية اليهود. بهذه السهولة وقد دافعوا دفاع المستميت عن وجودهم وحصونهم، وقاتلوا وصبروا. لكن المؤمنين كانوا أصبر الفريقين. وأشجع الفرقين. وما بذله أبطال المسلمين من النفس والنفيس فاق تصورات العدو. وكان البذل مشتركا من الفريقين المهاجرين والأنصار. فعلي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وعمر بن الخطاب في المبارزات الفردية. ومن أبطال الأنصار، الحباب بن المنذر ومحمد بن مسلمة، وأبو دجانة سماك بن خرشه. حطموا كل البطولات الفردية عند اليهود الذين كانوا يحسبون كل بطل من أبطالهم بألف رجل.
والقتال العام الذي كان يستمر أياما. فيضطر اليهود للانسحاب والتراجع. وقد شارك في هذا القتال الجيش كله بلا استثناء. وهذا يعني أن المسلمين لم يبخلوا في هذه المعركة بشيء من أرواحهم ودمائهم وطاقاتهم. وهي أطول معركة عجم فيها عودهم، واختبر فيها صبرهم. فكانوا على مستوى المعركة. وتبدو ضراوة المعركة وضخامتها حين نتصور المعركة مع المتحصنين وراء القلاع والحصون كما وصفهم القرآن.
{لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ...}(١). وكل هذه الحصون والقلاع. لم تفل من عزيمة المسلمين ولم توهن من هجومهم.
لقد كان النصر الإسلامي في خيبر من القوة والضخامة بحيث أنهى الوجود العسكري لليهود في أرض العرب. ولم ينهه لعقد أو عقدين من الزمان، أو لقرن أو قرنين من الزمان. إنما أنهاه لخمسة عشر قرنا لم