للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقيقة الذات أو في صفة موجودة قائمة بالخالق والمخلوق؛ فلا يعتبر هذا النوع من الاشتراك تشبيهاً؛ إذ التشبيه هو التشريك في الأمور الوجودية وحقيقة الصفات الوجودية أو حقيقة الذات أو حقيقة الأفعال.

ولذلك عرّف أهل السنة صفات الله تعالى باللازم لا بالحد والحقيقة، بخلاف التيمية يثبتون تلك الصفات بعد أن يفهموا نظائرها في المخلوقات على حقائقها الثابتة لها في الشاهد" (١).

ثم بين - حسب زعمه - وهم أتباع الدعوة المباركة في قولهم بالاشتراك في المعنى الكلي فقال:

"رأيت بعض الوهابية يقول بأن الاشتراك بين صفات الرحمن وصفات الأكوان هو اشتراك في المعنى الكلي، والمعنى الكلي ليس له وجود إلا في الأذهان لا في الأعيان، الاشتراك بين صفات الخالق والمخلوق هو اشتراك ذهني وليس بخارجي، فإذا أثبتوا "العين الحقيقية" مثلا لله تعالى وأثبتوها للمخلوقات، فيكون هناك معنى كلي تشترك فيه "عين" الله تعالى و"عين" المخلوق، وهذا المعنى الكلي لا وجود له في الخارج بل لا يوجد إلا في الأذهان، أما الأفراد الخارجية فلكل شيء وجود يخصه، ولذلك يرون أن إثبات الصفات - التي يسمونها بالعينية- على حقيقتها للخالق والمخلوق ليس تشبيها" (٢).

ثم قال: " والوهابية يرون أن التشبيه المذموم هو تشبيه الكيفية بالكيفية، كأن تقول: يد كيد إنسان، ووجه كوجه الإنسان، وجهلوا أو تجاهلوا أن التشابه والاشتراك في الحقيقة وأصل المعنى أوضح وأعظم بكثير من التشابه والاشتراك في الكيفيات، وأن التشابه والاشتراك في الكيفيات تشابه ضعيف قليل بالنسبة للتشابه والاشتراك في الحقيقة وأصل المعنى (٣).

ثم قال: "ثم إننا نسأل الوهابية عن هذا المعنى الكلي المشترك الذي يقولون به، فنقول مثلاً: ما هو المعنى الكلي المشترك لصفة "العين" فإما أن يبيّنوا هذا المعنى أو يكتموه.


(١) المرجع السابق: ٣٣٤.
(٢) المرجع السابق: ٣٣٥.
(٣) المرجع السابق: ٣٣٠.

<<  <   >  >>