للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن بيّنوه فلا يخلو بيانه من أمرين:

أ- إما أن يبيّنوه بذكر معناه الوضعي اللغوي وهو عضو الإبصار أو أداته أو الجارحة المعروفة، فيقعون في التشبيه، ولا ينفعهم بعدها إثبات التفاوت في الكيفيات اللاحقة أو التترّس بجهل الكيفية.

ب- وإما أن يبيّنوه بغير معناه اللغوي الوضعي، أي بغير معنى الجارحة والعضو فيقعون في التأويل الذي يسمونه تعطيلاً.

وإن كتموه فيكون كتمانهم إياه:

أ- إما لعدم معرفتهم به، فيقعون في التفويض الذي يسمونه تجهيلاً.

ب- وإما لعجزهم وقصورهم عن التعبير عنه، وهذا - فضلاً عن كونه نوعاً من التفويض المذموم عندهم- تقيةً مخالفة لعقيدة الإسلام الواضحة كالشمس في رابعة النهار، والبعيدة عن الألغازو والغموض، ومخالف لتصريحهم بوجوب حمل نصوص الصفات على معانيها الوضعية، ومخالف لإيجابهم على الناس معرفة معاني نصوص تلك الصفات" (١).

حقيقة هذه الدعوى:

هذه الدعوى قديمة قال بها الفلاسفة والمعتزلة والأشاعرة وغيرهم، وهي مبنية على توهم أن المشاركة بين الخالق والمخلوق في المعنى الكلي تستلزم المشاركة في الخارج والمشابهة التي نزه الله نفسه عنها بقوله قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١] (٢).


(١) المرجع السابق: ٣٤٢ - ٣٤٣ باختصار.
(٢) انظر: الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد: ٣٤٠، والتمهيد في الرد على الملاحدة: ٢٤ - ٢٥، والفرق بين الفرق: ٦٦، ١٢٧، والمغتي في أبواب التوحيد والعدل: ٤/ ٢٤٢، ٢٥٢، والملل والنحل: ١/ ٦٨، ٢/ ١٤٧، ٣/ ٢٥، وموقف ابن تيمية من الأشاعرة: ٣/ ١٠٧٠، وبيان تلبيس الجهمية: ١/ ٣٨٤، ومختصر العلو: ٢٦٤، والقدر المشترك في معاني الصفات بين أهل السنة ومخالفيهم: ٩٧، ١٠٢ وما بعدها.

<<  <   >  >>