للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجواب عن هذه الدعوى:

أولا: أن أهل السنة والجماعة ينفون التمثيل ولا ينفون التشبيه بالمعنى المراد عند أهل الكلام؛ وذلك أن المماثلة مشابهة من كل وجه بخلاف التشبيه فهي مشابهة من بعض الوجوه.

قال ابن فارس (١) : إن الشين والباء والهاء أصل يدل على تشابه الشيء وتشاكله لوناً ووصفاً (٢).

وهو مصدر شبّه يشبه تشبيهاً (٣)، وشِبه وشَبه لغتان بمعنى واحد، يقال: هذا شِبْهه بسكون الباء، وبينهما شَبه بتحريكهما أي: شبيهه، وجمعه أشباه، ويجمع على مشابه على وزن محاسن على غير القياس (٤).

وتصاريف كلمة "شبه" جميعها تدل على مشابهة الشيء للشيء من بعض الوجوه. يقال في اللغة: فلان فيه شبه من فلان (٥). أي: بينهما تشابه في بعض الصفات.

ويقال: فيه شبه من هذا إذا أشبهه من بعض الوجوه، وإن كان مخالفاً له في الحقيقة (٦)، قال تعالى: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾ [البقرة: ٢٥]، وأهل اللغة يقولون في المتشابه المذكور في الآية: يشبه بعضه بعضاً في الجودة والحسن (٧).

وأما المثل فهو الذي يدل على مناظرة الشيء للشيء، يقال هذا مثله أي: نظيره (٨). والمماثلة لا تكون إلا في المتفقين يقال: نحوه كنحوه، وفقهه كفقهه، ولونه كلونه، وطعمه


(١) أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد القزويني، أبو الحسين، الإمام اللغوي، ولد بقزوين، له مصنفات منها: معجم مقاييس اللغة، ومجمل اللغة، توفي سنة ٣٩٥ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء: ١٧/ ١٠٣، وشذرات الذهب: ٣/ ١٣٢، والوافي بالوفيات: ٧/ ١٨١.
(٢) انظر: معجم مقاييس اللغة: ٣/ ٢٤٣.
(٣) انظر: القاموس المحيط: ٦٠، ولسان العرب: ١٣/ ٥٠٤ - ٥٠٥، والحجة في بيان المحجة: ١/ ٣٠٦.
(٤) انظر: الصحاح: ٦/ ٢٢٣٦، ولسان العرب: ١٣/ ٣.
(٥) انظر: تهذيب اللغة: ٦/ ٩٠، ولسان العرب: ١٣/ ٥٠٤.
(٦) انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: ٢/ ٢٣٣ - ٢٣٤.
(٧) انظر: تهذيب اللغة: ٦/ ٩١.
(٨) انظر: معجم مقاييس اللغة: ٥/ ٢٩٦.

<<  <   >  >>