للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كطعمه، فإذا قيل: هو مثله على الإطلاق بدون تقييد فمعناه أن يسد مسده فإذا قُيّد فقيل: هو مثله في كذا فهو مساوٍ له في هذه الجهة (١).

وبناء على ذلك فإن الشبيه يطلق في اللغة مع تقييده بمعنى المثيل ويعرف ذلك من سياق الكلام وذلك لأن المثل في اللغة هو المشابه للشيء من كل الوجوه (٢).

وقد يراد بالتمثيل التشبيه وهو قليل (٣)، مثل أن يقال: هذا عبد الله مثلك وهذا رجل مثلك (٤) أي: يشبهك في بعض الصفات، أما إذا أطلق بدون تقييد فالمراد به مشابهة الشيء للشيء ومشاركته له في جميع الصفات.

ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾ [البقرة: ١٣٧]. أي: فإن آمنوا بمثل إيمانكم فقد صاروا مسلمين مثلكم، يعني: أن هؤلاء إن آمنوا بمثل ما آمنتم به أيها المؤمنون من الإيمان بجميع كتب الله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم وأسلموا لله وحده فقد اهتدوا وأصابوا الحق (٥). فأطلق "المثل" في الآية وأريد به المساواة من كل الوجوه في الاتصاف بالصفات التي تحصل بها الهداية التي آمن بها المؤمنون.

فبين لفظ الشبه والمثل في اللغة اشتراك في مشابهة الشيء للشيء من بعض الوجوه ويختلف التمثيل بأن تكون فيه المشابهة في جميع الوجوه، فمعناهما يختلف كما ذكر شيخ الإسلام عند الإطلاق، وإن كان مع التقييد والقرينة يراد بأحدهما ما يراد بالآخر (٦).

وأيضاً قد دل القرآن الكريم على نفي التمثيل دلالة صريحة فقال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١].

أما التشبيه فلم يتعرض له القرآن الكريم أو السنة النبوية بنفي أو إثبات، وقد ورد في كلام


(١) انظر: لسان العرب: ١١/ ٦١٠.
(٢) انظر: لسان العرب: ١١/ ٦١٠، وانظر: بيان تلبيس الجهمية: ٧/ ٥٧٠.
(٣) انظر: معجم مقاييس اللغة: ٥/ ٢٩٦.
(٤) انظر: تهذيب اللغة: ١٥/ ٩٥.
(٥) انظر: تفسير ابن كثير: ١/ ١٩٣، وتفسير السعدي: ١/ ١٤٨.
(٦) انظر: الجواب الصحيح: ٢/ ٢٣٣.

<<  <   >  >>