للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا القيد هو التفرق السابق أو إمكان التفريق اللاحق، فما كان متفرقاً فاجتمع أو ما كان مجتمعاً وأمكن تفريقه فهو الجسم، أما ما كان مجتمعاً دون سبق تفرق أو إمكان تفريق فليس بجسم!؛ لأن ذات الله -سبحانه- عندهم تجمع وتضم أعياناً لم تكن متفرقة ويستحيل عليها التفريق، والإشارة الحسية إلى كل واحدة من هذه الأعيان غير الإشارة إلى الأخرى، فالإشارة إلى اليد غير الإشارة إلى القدم والإشارتان غير الإشارة إلى الوجه، والجسم والمكان الذي يشغله هذا الجانب غير الحيز والمكان الذي يشغله الجانب الآخر وإن كان لا يفارقه في الزمان والوجود، ومفهوم كلامهم أن النسبة بين هذه الأعيان بعضها إلى بعض هي نسبة الجزء إلى الجزء، والنسبة بين هذه الأعيان والذات هي نسبة الجزء إلى الكل، وإن كانوا يتوقفون في لفظ (الجزء) كما سبق" (١).

وقال أيضا: "لا يخفى على مطلع أن التيمية الوهابية يفضلون استخدام مصطلح (الأعيان) بدلاً من (الأبعاض والأدوات) ويجيدون التعبير ب (تميز شيء منه عن شيء) عن التعبير ب (التبعيض والتركيب) بحجة أن تلك الألفاظ التي لا يحبون استخدامها ألفاظ محدثة لم ترد في كتاب وسنة، وكأن الألفاظ التي اختاروها وردت في الكتاب والسنة! وهذا التميز الذي يقولون به هو في ذات الله تعالى بحيث يتميز شيء من ذاته تعالى عن شيء آخر، فيكون في ذاته سبحانه أعيان متمايزة مخالفة لبعضها بالجهة والإشارة الحسية، وتقع الإشارة الحسية على شيء من هذه الأعيان دون شيء، وهذا في حقيقته تبعيض لذات الله -تعالى وتقدس- وإثبات بأنه سبحانه مجتمع من أشياء وأبعاض متمايزة، ويستلزم بالضرورة الامتداد في الأبعاد الذي هو حقيقة التجسيم عند أهل اللغة والاصطلاح" (٢).

ثم قال: "من المعلوم أن (المعاني) لا تقوم بنفسها بل لابد من ذات تقوم بها، وتقابلها (الأعيان) والتي قيامها بنفسها، والتيمية يقسمون صفات الله تعالى إلى صفات معان وصفات أعيان!، وجقيقة دليلهم على هذا التقسيم هو قياس الخالق تعالى على المخلوق" (٣).


(١) الرؤية الوهابية للتوحيد: ٣٦٣ - ٣٦٤، وانظر: تحقيق مسائل مهمات من علم التوحيد والصفات: ١٦٣.
(٢) المرجع السابق: ٣٨١ - ٣٨٢.
(٣) المرجع السابق: ٣٨٢.

<<  <   >  >>