للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقيقة هذه الدعوى:

هذه الدعوى قديمة، وهي مبنية على نفي بعض الصفات الذاتية الثابتة لله ﷿، كاليد، والوجه، والساق، والقدم، والعين، والذي دعاهم إلى نفي تلك الصفات هو اعتقادهم أنها بالنسبة للمخلوق أبعاض، وأعضاء، وأركان، وأجزاء، وجوارح وأدوات ونحو ذلك؛ فيرون -بزعمهم- أن إثبات تلك الصفات لله يقتضي قياس الخالق بالمخلوق، كما يقتضي التجسيم؛ فوجب عندهم نفيها فراراً من ذلك (١).

الجواب عن هذه الدعوى:

أولا: أجمع السلف على أن الله لا يوصف إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله ، قال الإمام أحمد : "لا يوصف الله بأكثر مما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله بلا حد ولا غاية ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، ولا يبلغ الواصفون صفته، وصفاته منه ولا تتعدى القرآن والحديث" (٢).

وقال الآجري : "إن أهل الحق يصفون الله ﷿ بما وصف به نفسه ﷿ وبما وصفه به رسوله وبما وصفه به الصحابة ، وهذا مذهب العلماء ممن اتبع ولم يبتدع" (٣).

وقال ابن عبد البر : " … ما غاب عن العيون فلا يصفه ذوو العقول إلا بخبر، ولا خبر في صفات الله تعالى إلا ما وصف نفسه به في كتابه أو على لسان رسوله ، فلا تتعدى ذلك إلى تشبيه أو تمثيل أو تنظير فإنه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى:


(١) انظر: أساس التقديس: ٤٩، شرح المقاصد: ٤/ ٤٣ - ٤٤، أصول الدين: ٧٥ - ٧٦، شرح الأصول الخمسة: ٢١٧ - ٢١٨، وتحريم النظر في كتب الكلام: ٥٧، والحجة في بيان المحجة: ١/ ١٨٧، مجموع الفتاوى: ١٣/ ١٦٥، ودرء التعارض: ٤/ ٢٧٢، ٧/ ١٤١، وموقف ابن تيمية من الأشاعرة: ٣/ ١٠٩٧. وللمزيد: مقالة التجسيم - دراسة نقدية لخطاب خصوم ابن تيمية المعاصرين.
(٢) ذم التأويل لابن قدامة: ٢٢.
(٣) الشريعة: ٢٧٧.

<<  <   >  >>