للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى صفته" (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "أن الأدلة الشرعية والعقلية التي تثبت بها تلك الصفات تثبت بنظيرها هذه الصورة فإن وجود ذات ليس لها صفات ممتنع في العقل وثبوت الصفات الكمالية معلوم بالشرع والعقل، كذلك ثبوت ذات لا تشبه الموجودات بوجه من الوجوه ممتنع في العقل، وثبوت المشابهة من بعض الوجوه في الأمور الكمالية معلوم بالشرع والعقل، وكما أنه لا بد لكل موجود من صفات تقوم به، فلا بد لكل موجود قائم بنفسه من صورة يكون عليها، ويمتنع أن يكون في الوجود قائم بنفسه ليس له صورة يقوم عليها" (٢).

رابعا: أنه ليس في الحديث ما يدل على أن صورة آدم مماثلة لصورة الله تعالى، فالمضاف لله تعالى على ما يليق به، والمضاف لآدم على ما يناسبه.

فالحديث يثبت أن الله تعالى له صورة، وأن آدم خلقه الله تعالى على صورته؛ ولكن ليس فيه ما يدل على أن صورة آدم مماثلة لصورة الله تعالى، بل هذا المعنى باطل قطعاً، ولم يرده الرسول ؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، ولا يلزم من تشبيه شيء بشيء أن يكون مثله مطابقاً له من كل وجه، بل تحصل المشابهة بالاشتراك في بعض الصفات ولا يشترط تطابق كل الصفات وتماثلها.

ودليل هذا قول النبي : «إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر» (٣). فليس معنى هذا الحديث أنهم دخلوا الجنة وصورتهم مطابقة لصورة القمر من كل وجه، وإلا لزم من ذلك أنهم دخلوا الجنة وليس لهم أعين ولا أفواه، وإن شئنا قلنا: دخلوا وهم أحجار!.

"وإنما معنى الحديث أنهم على صورة القمر في الحسن والوضاءة والجمال واستنارة الوجه، وما أشبه لك …

فإذا قلت: ما هي الصورة التي تكون لله ﷿ ويكون آدم عليها؟


(١) النهاية في غريب الحديث والأثر: ٣/ ٥٩.
(٢) بيان تلبيس الجهمية: ٦/ ٥٢٥.
(٣) صحيح البخاري، كتاب بد الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة: ٣٣٢٧.

<<  <   >  >>