للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان لازم هذه الصفة ما ذكر حقاً فنحن نلتزمه، لأن لازم الحق حق (١).

قال عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون (٢) : " اعرف -رحمك الله- غناك عن تكلفِ صفةِ ما لم يصفْ الربُ من نفسه بعجزِكَ عن معرفته قدْرَ ما وصفَ منها، إذا لم تعرفْ قدرَ ما وصفَ فما كلّفَك عِلْمِ ما لم يِصف، هل تستدل بذلك على شيء من طاعته أو تتزحزحُ عن شيء من معصيته؟ فأما الذي جحد ما وصفِ الربُ من نفسه تعمُّقا وتكلّفا قد ﴿اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ﴾ [الأنعام: ٧١]، فصارِ أحدِها، ومنها يَستدلُ من زعمَ على جحدِ ما وصفُ الربُ وسمى من نفسه بأن قال: لا بد إن كان له كذا من أن يكون له كذا، فعُمِّي عن البيّنِ بالخفي، بجحد ما سمى الربُ من نفسه، فصمتَ الربُ (٣) عما لم يُسم منها" (٤).

ثالثا: أن مفهوم الحركة في اللغة مفهوم واسع، يطلق ويراد به جنس العمل مطلقاً، ولو نفسياً، فيقال: تحرك غضبه، وسكن، ولو لم يكن للجسم، فيقال: جاء الحر، وذهب الشتاء.

وبناء على ذلك، يكون مطلق الصفات الفعلية التي تقوم بالحق تعالى، كالغضب والرضا، والحب والبغض، والإرادة، وغير ذلك من جنس الحركة العامة (٥).

ومنه قوله في تعليمه للأعرابي أن يقول: «لا حول ولا قوة إلا بالله» (٦).

قال شيخ الإسلام: "لفظ الحول يتناول كل تحول من حال إلى حال، والقوة هي القدرة


(١) انظر: تقريب التدمرية: ٥٣، ومجموع فتوى ورسائل ابن عثيمين: ٣/ ٣٠١.
(٢) عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون أبو مروان المدني الفقيه، مفتي أهل المدينة، تلميذ الإمام مالك، توفي سنة ٢١٣ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء: ١٠/ ٣٥٩، وترتيب المدارك: ١/ ١٢٨.
(٣) قال شيخ الاسلام ابن تيمية: "ثبت بالسنة والإجماع أن الله يوصف بالسكوت، لكن السكوت يكون تارة عن التكلم، وتارة عن إظهار الكلام وإعلامه". مجموع الفتاوى: ٦/ ١٧٩. وانظر: صفات الله ﷿ لعلوي السقاف: ١٧٧.
(٤) الإبانة الكبرى: ٧/ ٦٣، وانظر: الأشاعرة في ميزان أهل السنة: ٣٦١ وما بعدها.
(٥) انظر: معاني القرآن للزجاج: ٢/ ٣٧٩، والصحاح: ١/ ٢٥٣، وشرح حديث النزول: ١٨٠، ومجموع الفتاوى: ٥/ ٥٦٨.
(٦) صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، برقم: ٢٦٩٦.

<<  <   >  >>