فقتادة لم يقل أنه لا ينزل ولا يأتي، ولم يستخدم هذه المصطلحات الحادثة: التغيير والانتقال.
تاسعا: قول الكاتب " وقد ذهب الإمام السلفي أبو إسحاق الزجاج الحنبلي (٢٤١ - ٣١١ هـ) إلى أن المنتقل من مكان إلى مكان .. محدث لا يصلح للإلهية، فقال في معاني القرآن (٢/ ٢٨٨): " ﴿قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ﴾، أي: لا أحب من كانت حالته، أن يطلع ويسير على هيئة يتبين معها أنه محدث، منتقل من مكان إلى مكان".
وكذلك نحن نقول بقول أبي إسحاق الزجاج ﵀، ولكن الكاتب لم يفهم كلامه، فهو يقول: " لا أحب من كانت حالته، أن يطلع ويسير على هيئة يتبين معها أنه محدث "، فقيد كلامه بقوله: "على هيئة يتبين معها أنه محدث"، فإذا تبين معها أنه محدث فهو مخلوق، أما الله ﷿ فهو يأتي وينزل متى شاء، وكيف شاء، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]
عاشرا: أما استدلاله على نفي تلك الصفات من الشرع بقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦)﴾ [الأنعام: ٧٥ - ٧٦]، أي لا أحب من حالته أن يطلع ويسير على هيئة يتبين معها أنه محدث، وينتقل من مكان إلى مكان، فإبراهيم أنكر ربوبية الكوكب لكونه آفلاً: أي: متحركاً (١).
فهذا استدلال باطل، يبطله تفسير الزجاجي للآية، حيث يقول ﵀: " (فَلَمَّا أَفَلَ). أي فلما غاب، يقال أفل النجم يأفل أفولا، إذا غاب:(أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ).
أي لا أحب من كانت حالته أن يطلع ويسير على هيئة يتبين معها أنه محدث منتقل من مكان إلى مكان، كما يفعل سائر الأشياء التي أجمعتم معي على أنها ليست بآلهة، أي لا أتخذ ما هذه حاله إلها، كما أنكم لا تتخذون كل ما جرى مجرى هذا من سائر الأشياء آلهة، ليس أنه جعل الحجة عليهم أن ما غاب ليس بإله، لأن السماء والأرض ظاهرتان غير غائبتين وليس يدعى فيهما هذه الدعوى.