وقال:" السلف والأئمة لم يكرهوا الكلام لمجرد ما فيه من الاصطلاحات المولدة كلفظ الجوهر، والعرض، والجسم، وغير ذلك؛ بل لأن المعاني التي يعبرون عنها بهذه العبارات فيها من الباطل المذموم في الأدلة والأحكام ما يجب النهي عنه لاشتمال هذه الألفاظ على معاني مجملة في النفي والإثبات.
كما قال الإمام أحمد في وصفه لأهل البدع فقال: هم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متفقون على مخالفة الكتاب، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويلبسون على جهال الناس بما يتكلمون به من المتشابه.
فإذا عرفت المعاني التي يقصدونها بأمثال هذه العبارات، ووزنت بالكتاب والسنة، بحيث يثبت الحق الذي أثبته الكتاب والسنة، وينفي الباطل الذي نفاه الكتاب والسنة؛ كان ذلك هو الحق؛ بخلاف ما سلكه أهل الأهواء من التكلم بهذه الألفاظ: نفيا وإثباتا في الوسائل والمسائل؛ من غير بيان التفصيل والتقسيم الذي هو الصراط المستقيم. وهذا من مثارات الشبهة" (١).
سابعا: قول الكاتب: "اتفق السلف الصالح وأهل السنة والجماعة على تنزيه الله تعالى عن الحركة والزوال من مكان والانتقال إلى آخر … "، لم يذكر مصدر هذا الكلام، والسلف كما سبق يثبتون لله ما أثبته لنفسه من غير تمثييل ولا تكييف ولا تحريف ولا تعطيل. وإثبات السلف للصفة كما وردت في الكتاب والسنة لا يقتضي هذه المعاني التي يلزم بها المناوئون للسلف.
ثامنا: قول الكاتب أنه "قد صح عن الإمام التابعي الكبير المفسر قتادة السدوسي (٦٠ - ١١٧ هـ) أنه نزّه الله تعالى عن التغير والانتقال، حيث روى الإمام الطبري (١١/ ٤٨٠) في تفسيره: (حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦)﴾ [الأنعام: ٧٦]، علم أن ربه دائم لا يزول".
فنحن نقول بما قال به قتادة ﵀، وأن الله دائم لا يزول، فهو الأول ليس قبله شيء، والأخر فليس بعده شيء، وهو سبحانه في العلو، ولكن الكاتب لم يفهم كلام قتادة ﵀،