للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - ومنهم من توقف في الإطلاق أو النفي (١).

قال ابن القيم "أما الذين أمسكوا عن الأمرين وقالوا: لا نقول يتحرك وينتقل، ولا ننفي ذلك عنه، فهم أسعد بالصواب والاتباع، فإنهم نطقوا بما نطق به النص، وسكتوا عما سكت عنه، وتظهر صحة هذه الطريقة ظهورا تاما فيما إذا كانت الألفاظ التي سكت النص عنها مجملة محتملة لمعنيين: صحيح وفاسد، كلفظ الحركة والانتقال والجسم والحيز" (٢).

على أنه يمكن التأليف بين أقوال أهل السنة، وأن إطلاق الألفاظ المجملة يجوز للحاجة، أو المصلحة، كأن يكون تفهيما لمن يتكلم بهذا اللسان، وبه يعقل المعاني، أو على سبيل النقض على من ينفيه نفيا مطلقا بما فيه من المعنى الصحيح الموافق للكتاب والسنة.

قال شيخ الإسلام : " لم يذكر هو ولا رسوله ولا أهل العلم والإيمان به: أنه ليس بجسم، ولا جوهر، ولا متحيز، ولا في جهة، ولا أن صفاته ليست بعرض، ولا قائمة بالغير، ولا نحو ذلك.

وكذلك في الإثبات له الأسماء الحسنى التي يدعى بها، وليس في تلك الأسماء أنه جسم، ولا جوهر ونحو ذلك، ولا أن صفاته تسمى أعراضاً، ونحو ذلك.

فلم يكن واحد من هذين مشروعاً على الإطلاق، ولا هو أيضاً منهياً عنه على الإطلاق.

بل إذا أثبت الرجل معنى حقاً، ونفى معنى باطلاً، واحتاج إلى التعبير عن ذلك بعبارة لأجل إفهام المخاطب؛ لأنها من لغة المخاطب ونحو ذلك = لم يكن ذلك منهياً عنه؛ لأن ذلك يكون من باب ترجمة أسمائه وآياته بلغة أخرى ليفهم أهل تلك اللغة معاني كلامه وأسمائه، وهذا جائز، بل مستحب أحياناً، بل واجب أحياناً، وإن لم يكن ذلك مشروعاً على الإطلاق، كمخاطبة أهل هذه الاصطلاحات الخاصة في أسماء الله وصفاته وأصول الدين باصطلاحهم الخاص، إذا كانت المعاني التي تبين لهم هي معاني القرآن والسنة " (٣).


(١) انظر: مختصر الصواعق المرسلة: ٤٧٢.
(٢) مختصر الصواعق المرسلة: ٤٧٢، وانظر: مجموع الفتاوى: ٥/ ٤٠٢، ودرء التعارض: ٢/ ٧ - ٨، والاستقامة: ١/ ٧٢ - ٧٣.
(٣) بيان تلبيس الجهمية: ٤/ ٣٨٩ - ٣٩٠.

<<  <   >  >>