للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض رده على من زعم أنه لا يجوز الدعاء إلا بالتسعة والتسعين اسماً: " … وهذا القائل الذي حصر أسماء الله في تسعة وتسعين لم يمكنه استخراجها من القرآن، وإذا لم يقم على تعيينها دليل يجب القول به لم يمكن أن يقال: هي التي يجوز الدعاء بها دون غيرها، لأنه لا سبيل إلى تمييز المأمور من المحظور، فكل اسم يجهل حاله يمكن أن يكون من المأمور، ويمكن أن يكون من المحظور، وإن قيل: لا تدعو إلا باسم له ذكر في الكتاب والسنة، قيل: هذا أكثر من تسعة وتسعين" (١).

فالذين جمعوا الأسماء الحسنى اعتقدوا هم وغيرهم أن الأسماء الحسنى التي من أحصاها دخل الجنة ليست شيئاً معيناً، بل من أحصى تسعة وتسعين اسماً من أسماء الله دخل الجنة، أو أنها وإن كانت معينة فالاسمان اللذان يتفق معناهما يقوم أحدهما مقام صاحبه، كالأحد والواحد، والمعطي والمغني (٢).

وقد جاء في القرآن أسماء، وفي السنة أسماء أخرى، فيكون العدد أكثر من تسعة وتسعين، كما هو ظاهر، ومن ذلك يتضح أن أكثر أهل العلم يقولون بأن الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة أكثر من تسعة وتسعين اسماً (٣).

ثانيا: أن الحديث المشهور عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: «إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة» (٤) قد شرحه العلماء بما يدل على أن من أسماء الله الحسنى تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة، وليس فيه حصر في هذا العدد.

قال النووي (٥) : "قوله : «إن لله تسعة وتسعين اسماً»، اتفق العلماء على أن


(١) مجموع الفتاوى: ٢٢/ ٤٨٢. وانظر: شأن الدعاء: ٢٤، وتفسير ابن كثير: ٢/ ٢٦٩.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى: ٦/ ٣٨٠.
(٣) انظر: إيثار الحق على الخلق: ١٦٩، ومعجم المناهي اللفظية: ١١.
(٤) صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب: إن لله مائة اسم إلا واحدا، برقم: ٧٣٩٢، وصحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها، برقم: ٢٦٧٧.
(٥) هو أبو زكريا يحيى بن شرف بن حسن بن حسين الحزامي النووي، أحد أعلام الشافعية، من مؤلفاته: المجموع شرح المهذب، شرح صحيح مسلم، رياض الصالحين، توفي سنة ٦٧٦. انظر: تذكرة الحفاظ: ٤/ ١٤٧٠، وطبقات الشافعية الكبرى: ٨/ ٣٩٥.

<<  <   >  >>