للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالأدلة الشرعية والعقلية والفطرية كلها متفقة على أن الله فوق مخلوقاته، عال عليها، قد فطر الله على ذلك العجائز والصبيان والأعراب في الكتاب، كما فطرهم على الإقرار بالخالق تعالى، وقد قال في الحديث الصحيح: «كل مولود يولد على الفطرة؛ فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جَمعَاء هل تُحِسُّون فيها من جَدْعَاء؟» ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ [الروم: ٣٠] (١) (٢).

وقال الشيخ ابن باز : " قال جماعة من المفسرين في هاتين الآيتين: ﴿أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ [الملك: ١٧] إن (في) للظرفية، وأن السماء المراد بها: العلو، واحتجوا بذلك على أن الله سبحانه في جهة العلو فوق العرش" (٣).

ثالثا: أجمع السلف على أنه لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله ، قال الإمام أحمد : "لا يوصف الله بأكثر مما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله بلا حد ولا غاية ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، ولا يبلغ الواصفون صفته، وصفاته منه ولا تتعدى القرآن والحديث (٤).

وقال الآجري : "إن أهل الحق يصفون الله ﷿ بما وصف به نفسه ﷿ وبما وصفه به رسوله وبما وصفه به الصحابة ، وهذا مذهب العلماء ممن اتبع ولم يبتدع" (٥).

وقال ابن عبد البر : " … ما غاب عن العيون فلا يصفه ذوو العقول إلا بخبر، ولا


(١) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين، برقم: ١٣٥٨، وصحيح مسلم، كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، برقم: ٢٦٥٨.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى: ٥/ ٢٥٨ - ٢٦١، وللمزيد: كتاب العلو للعلي الغفار للذهبي، وكتاب إثبات صفة العلو لابن قدامة.
(٣) مجموع فتاوى ومقالات ابن باز: ١/ ٢٥٧.
(٤) ذم التأويل لابن قدامة: ٢٢.
(٥) الشريعة: ٢٧٧.

<<  <   >  >>