للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك قوله تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ﴾ [الأعراف: ٥٣]، ويقول: ما يؤول إليه في وقت بعثهم ونشورهم" (١).

إذا التأويل هو ما أول إليه أو يؤول إليه، أو تأول إليه، والكلام إنما يرجع ويعود ويستقر ويؤول إلى حقيقته التي هي عين المقصود به (٢).

وفي اصطلاح العلماء، له ثلاثة معان:

الأول: أن يراد بالتأويل حقيقة ما يؤول إليه الكلام، وهذا هو المعنى الذي يراد بلفظ التأويل في الكتاب والسنة، كقوله تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ﴾ [الأعراف: ٥٣] ومنه قول عائشة : «كان رسول الله يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا ولك الحمد: اللهم اغفر لي، يتأول القرآن» (٣).

الثاني: يراد بلفظ التأويل: (التفسير) وهو اصطلاح كثير من المفسرين، ومنهم ابن جرير الطبري .

الثالث: أن يراد بلفظ (التأويل): صرف اللفظ عن ظاهره الذي يدل عليه ظاهره إلى ما يخالف ذلك، لدليل منفصل يوجب ذلك، وهذا التأويل لا يكون إلا مخالفاً لما يدل عليه اللفظ ويبينه، وتسمية هذا تأويلاً لم يكن في عرف السلف، وإنما سمي هذا وحده تأويلاً طائفة من المتأخرين الخائضين في الفقه وأصوله والكلام، وهذا هو التأويل الذي اتفق سلف الأمة وأئمتها على ذمه، وصاحوا بأهله من أقطار الأرض، ورموا في آثارهم بالشهب … (٤). وهذا التأويل


(١) مقاييس اللغة: ١/ ١٥٩، وانظر: النهاية في غريب الحديث: ١/ ٨٠ - ٨١، مجموع الفتاوى: ١٣/ ٢٩٠ - ٢٩٤، والصواعق المرسلة: ١/ ١٧٥ - ١٧٨، والإمام ابن تيمية وموقفه من قضية التأويل: ٢٧ - ٥٠، وجناية التأويل الفاسد على العقيدة الإسلامية: ٥ - ١٢.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى: ١٣/ ٢٩٣.
(٣) صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب التسبيح والدعاء في السجود، برقم: ٨١٧، وصحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود: ٢١٧.
(٤) مجموع الفتاوى: ٤/ ٦٩ - ٧٠، وانظر: ٣/ ٥٤ - ٦٨، ٢٨ - ٣٦، ١٣/ ٢٧٧ - ٣١٢، ١٣/ ٢٨٧، والصواعق المرسلة: ١/ ١٧٥ - ٢٣٣، وشرح الطحاوية: ٢٣١ - ٢٣٦.

<<  <   >  >>