للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي عناه أكثر من تكلم من المتأخرين في مسألة الصفات والقدر ونحوها.

فالتأويل بالمعنى الأول والثاني هو الوارد في الشرع وعلى ألسنة أهل اللغة المتقدمين ولا شك في صحته ووضوحه، وأما التأويل بالمعنى الثالث الذي يذكر في اصطلاح المتأخرين فهو الذي يحتاج إلى العرض على القرآن والسنة وعرف السلف الصالح، فما كان عليه دليل شرعي صحيح صريح فهو التأويل الصحيح، وإلا فهو تأويل فاسد (١).

قال ابن حزم : "التأويل نقل اللفظ عما اقتضاه ظاهره، وعما وضع له في اللغة إلى معنى آخر؛ فإن كان نقله قد صح ببرهان، وكان ناقِلُه واجبَ الطاعة فهو حق. وإن كان نقله بخلاف ذلك اطُّرح، ولم يلتفت إليه، وحُكم لذلك النقل بأنه باطل" (٢).

يقول السبكي (٣) : التأويل هو حمل الظاهر على المحتمل المرجوح، فإن حمل لدليل فصحيح، أو ما يظن دليلاً ففاسد، أو لا لشيء فعبث لا تأويل" (٤).

وذكر ابن النجار (٥) أنه: "حمل ظاهر على محتمل مرجوح بلا دليل محقق لشبه يخيل للسامع أنه دليل، وعند التحقيق تضمحل" (٦).

وقال ابن القيم : "والتأويل الذي يخالف ما دلت عليه النصوص، وما جاءت به السنة، هو التأويل الفاسد ثم بيّن أنه يطلق عليه التحريف المعنوي فقال: "والتحريف هو


(١) انظر: مجموع الفتاوى: ١٣/ ٢٩٥ - ٢٩٦.
(٢) الإحكام في أصول الأحكام: ١/ ٤٣.
(٣) تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي، الشافعي، من مؤلفاته: طبقات الشافعية الكبرى، وجمع الجوامع، والأشباه والنظائر في الفقه، توفي سنة ٧٧١ هـ. انظر: الدرر الكامنة: ٢/ ٤٢٥، وشذرات الذهب: ٦/ ٢٢١.
(٤) جمع الجوامع: ٢/ ٥٣. وانظر: شرح مختصر المنتهى: ٢/ ١٦٩، وتاج العروس: ٧/ ٢١٤.
(٥) تقي الدين محمد بن أحمد بن عبد العزيز الفتوحي المصري الحنبلي، الشهير بابن النجار، انتهت إليه رئاسة المذهب. له: منتهى الإرادات، وشرح الكوكب المنير، وغيرها، توفي سنة ٩٧٢ هـ. انظر: شذرات الذهب: ٨/ ٣٩٠، والسحب الوابلة على ضرائح الحنابلة: ٢/ ٨٥٤.
(٦) شرح الكوكب المنير: ٣/ ٤٦١. وانظر: درء التعارض: ٥/ ٣٤٣، ٣٤٤، والصفدية: ١/ ٢٨٩، والفصل في الملل: ٢/ ٢٧٢، والصواعق المرسلة: ١/ ٣٤٣، ٣٤٥.

<<  <   >  >>