للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - ما هو نص في مراد المتكلم لا يحتمل غيره، فهذا يمتنع دخول التأويل فيه أو تطرقه إليه، وهذا شأن عامة النصوص الشرعية الصريحة في معناها، كنصوص الصفات، والتوحيد والمعاد (١).

٢ - ما هو ظاهر في مراد المتكلم وقد احتفت به قرائن تقويه، قال ابن القيم : " فهذا ينظر في وروده فإن اطرد استعماله على وجه واحد استحال تأويله بما يخالف ظاهره؛ لأن التأويل إنما يكون لموضع جاء نادراً خارجاً عن نظائره منفرداً عنها، فيؤول حتى يرد إلى نظائره، وتأويل هذا غير ممتنع لأنه إذا عرف من عادة المتكلم باطراد كلامه في توارد استعماله معنى ألفه المخاطب، فإذا جاء موضع يخالفه رده السامع بما عهد من عرف المخاطب إلى عادة المتكلم المطّردة … وقد صرح أئمة العربية بأن الشيء إنما يجوز حذفه إذا كان الموضع الذي ادعى فيه حذفه قد استعمل فيه ثبوته أكثر من حقه"

ثم مثَّل لهذه القاعدة العظيمة بأمثلة منها، قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] حيث اطرد في جميع موارده في القرآن على هذا اللفظ، فتأويله باستولى باطل، وإنما كان يصح لو كان أكثر مجيئه بلفظ "استولى" ثم يخرج موضع عن نظائره، ويرد بلفظ "استوى"، فمثل هذا كان يصح تأويله باستولى، ثم قال: "فتفطن لهذا الموضع واجعله قاعدة فيما يمتنع تأويله من كلام المتكلم، وما يجوز تأويله" (٢).

٣ - ما ليس بنص ولا ظاهر في المراد، بل هو مجمل يحتاج إلى بيان، وهذا القسم دائر بين ثلاثة أحوال:

أ- أن يكون مع هذا النص بيانه، ومثاله: قوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: ١٦٤] فرفع توهم صرف معنى "كلَّم" إلى أي معنى آخر بالمصدر المؤكد الذي لا يشك عربي اللسان أن المراد به إثبات تلك الحقيقة.

ب- أن يكون بيانه منفصلاً عنه في نص آخر، ومثاله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾


(١) انظر: الصواعق المرسلة: ١/ ٣٨٢ - ٣٨٣، بدائع الفوائد: ١/ ١٥.
(٢) الصواعق المرسلة: ١/ ٣٨٤ - ٣٨٦، وانظر: بدائع الفوائد: ٤/ ٩ - ١٠.

<<  <   >  >>