للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُقابل الرعية "، فهذا افتراء عليهم أيضا، وأين هذا في كتبهم؟!

خامسا: استدل المناوئ بقول منسوب للإمام أحمد في تأويل المجيء والإتيان؛ في قول الله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ﴾ [الفجر: ٢٢] بمعنى: جاء ثوابه (١)، وترك غالب ما نقل عنه مما يخالف هوى المناوئ.

ومذهب سلف الأمة وأئمتها أنهم لا يتأولون مجيء الرب بمجيء ثوابه؛ كما أنهم لا يتأولون الرحمة بإرادة الإنعام، ولا المحبة بالرضى أو علامة القبول، ولا الساق بالشدة (٢)،

وما نقل عن الإمام أحمد فيما يخالف ذلك؛ كالذي نقله البيهقي وابن كثير (٣)، يجاب عنه من وجوه:

الوجه الأول: قيل: إن ذلك من رواية حنبل عنه، وحنبل ينقل عن أحمد ما لا ينقل غيره، بل ينقلون خلافه (٤). قال ابن القيم : "إن حنبلاً تفرد بها عنه، وهو كثير المفاريد المخالفة للمشهور من مذهبه، و إذا تفرد بما خالف المشهور عنه؛ فالخلال وصاحبه عبد العزيز لا يثبتون ذلك رواية، وأبو عبد الله بن حامد وغيره يثبتون ذلك رواية، والتحقيق أنها رواية شاذة مخالفة لجادة مذهبه، هذا إذا كان ذلك من مسائل الفروع؟ فكيف في هذه المسألة؟ " (٥).

الوجه الثاني: قيل: إن الإمام أحمد قال ذلك على وجه الإلزام لخصومه.

قال شيخ الإسلام : " إنما قال ذلك إلزاما للمنازعين له؛ فإنهم يتأولون مجيء الرب بمجيء أمره، قال: فكذلك قولوا: يجيء كلامه مجيء ثوابه! وهذا قريب" (٦).


(١) انظر: زاد المسير: ١/ ٢٢٥، والجوهر المحصل في مناقب الإمام أحمد: ٨٢، ٨٥.
(٢) انظر: المنهج الأحمد في الذب عن مسند أحمد: ٢٤٥، وسير أعلام النبلاء: ٣/ ٥٢.
(٣) انظر: البداية والنهاية: ١/ ٣٢٧.
(٤) انظر: الدرر السنية: ١/ ٣٢٠، ٤٩٥، ٣/ ١٤ - ١١٥، ١٢١، ١٣٠، ١٢/ ٥٤٥، وغيرها من المواضع، وتعقبات على كتابة بعض الناس في العقيدة والتوحيد، مجلة البحوث الإسلامية العدد (٩): ١٣٥.
(٥) مختصر الصواعق المرسلة: ٣٩٥. وانظر: فتح الباري لابن رجب: ٩/ ٢٧٩.
(٦) الاستقامة: ١/ ٧٥.

<<  <   >  >>