للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم لو قال المناوئ إن هذا الذي قلتم به تأويلٌ للآية، قيل: إن التأويل هنا جائز للقرينة الصارفة، ولا محذور في ذلك عند أحد من أهل السنة، وإن سمي تأويلاً وصرفاً عن الظاهر فذلك لدلالة القرآن عليه، ولموافقة السنة والسلف عليه. بخلاف قولكم بتأويل لا دليل عليه.

رابعا: قول الكاتب أن: "أهل السنة يقولون: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ﴾ [الفجر: ٢٢]، ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ﴾ أي: ظهرت عجائب قدرة الله، لا يقولون: جاء الله من فوق إلى تحت، لا، هذا كفر.

الوهابية يقولون: الله يأتي من فوق إلى الأرض المبدلة ليُحاسب الخَلق جعلوا الله كالمليك الذي يُقابل الرعية".

هذا القول الذي انتقده على الإمام محمد بن عبد الوهاب يتضمن أمرين:

الأول: زعمه أن أهل السنة يقولون في تفسير الآية ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ﴾ أي: ظهرت عجائب قدرة الله. وهذا افتراء على السلف، وأين هذا القول في كتبهم؟

الثاني: قوله إن " الوهابية يقولون: الله يأتي من فوق إلى الأرض المبدلة ليُحاسب الخَلق"، فهذا ليس قولا للإمام ؛ بل هو قول السلف ، يقول ابن جرير في تفسير قوله تعالى ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ﴾ " يقول تعالى ذكره: وإذا جاء ربك يا محمد وأملاكه صفوفا صفا بعد صفّ" (١).

أما الإتيان إلى الأرض المبدلة فروى ابن جرير بسنده عن أنس بن مالك ، أنه تلا هذه الآية ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾، قال: يبدّلها الله يوم القيامة بأرض من فضة لم يُعمل عليها الخطايا، ينزلها الجبَّار تبارك تعالى (٢).

فأتباع هذه الدعوة السلفية المباركة يقولون كما قال السلف ولا يخرجون عن أقوالهم.

وأما الزيادة في قول أتباع هذه الدعوة المباركة أنهم يقولون في مجيء الله: " كالمليك الذي


(١) تفسير الطبري: ٢٤/ ٤١٧. وانظر: التمهيد: ٧/ ١٥٣، والعلو: ١٧٩، والعرش: ٢/ ٣٧٥، ٣٨٦، ونقض الدارمي على بشر المريسي: ١/ ٣٤٣.
(٢) تفسير الطبري: ١٧/ ٤٧. وانظر: نقض الدارمي على المريسي: ١/ ٣٥٠، وتفسير ابن كثير: ٣/ ٢٨٢،

<<  <   >  >>