للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقيقة هذه الدعوى:

هو ظن المناوئ أن دعوة الإمام تقول في صفات الله ب "قاعدة الإثبات المفصل والنفي المجمل" على الاطلاق، وأنه لا يوجد إثبات مجمل ونفي مفصل، وأن عدم النفي التفصيلي يلزم منه النقص في تنزيه الله تعالى (١).

الجواب عن هذه الدعوى:

أولا: سلك المتكلمون في باب الصفات مسلكا مغايرا لما جاء في الكتاب والسنة، وهو أنهم يفصلون في النفي، ويجملون في الإثبات، فيقولون: إن الله لا فوق ولا تحت، ولا جوهر ولا عرض، ولا جسم ولا صورة، ولا ساكن ولا متحرك، ولا داخل العالم ولا خارجه، ولا يحب ولا يرضى، وهكذا (٢).

بينما جاء القرآن الكريم والسنة النبوية بخلاف ذلك، حيث جاء بالإثبات المفصل والنفي المجمل، وعلى هذا جاءت طريقة السلف، وعلى هذه الطريقة سار شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام محمد بن عبد الوهاب ، فلا ينكر على من سار على طريقة القرآن والسنة وسلك سبيل المؤمنين.

وهم لا يريدون بذلك أنه لا يقع في القرآن إثبات مجمل ولا نفي مفصل، وإنما يريدون بيان أصل القاعدة عند أهل السنة المخالفة لقاعدة المخالفين لهم، وإلا فإنه قد جاء في القرآن إثبات مجمل في أسماء الله، كما في قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الأعراف: ١٨٠] فهذا إثبات مجمل، حيث لم تذكر الأسماء في هذا السياق، نحو: السميع، أو البصير، أو العزيز، أو ما إلى ذلك.


(١) انظر: الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد: ٥٨ - ٦٨، وأم البراهين: ٢٣ - ٣٢، وتحفة المريد شرح جوهرة التوحيد: ٩٦، ومقالات الإسلاميين: ١٥٥ - ١٥٦، ونقض الرسالة التدمرية: ١١ وما بعدها، ومنهج أهل السنة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى: ٥٥٥.
(٢) انظر: المراجع السابقة.

<<  <   >  >>