للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال البربهاري (١): "إياك والنظر والجلوس إلى أصحاب الكلام، وعليك بالآثار وأهل الآثار، وإياهم فسأل، ومعهم فاجلس، ومنهم فاقتبس" (٢).

وقال: "اعلم أنه لم تكن زندقة ولا كفر ولا شكوك، ولا بدعة، ولا ضلالة ولا حيرة في الدين إلا من الكلام، وأهل الكلام والجدل والمراء والخصومة والعجب" (٣).

وقال الحافظ ابن رجب (٤) : "فأما الدخول مع ذلك في كلام المتكلمين، أو الفلاسفة، فشر محض، وقل من دخل في شيء من ذلك إلا وتلطخ ببعض أوضارهم" (٥).

والآثار عن السلف في ذم الكلام وأهله والتحذير منهم أكثر من أن تحصى (٦).

ومن نظر في كتب الإمام محمد بن عبد الوهاب وجد أنه يعتمد على الكتاب والسنة وأقوال السلف والمعقول الصحيح المستند إليها، وأما علم الكلام المذموم -والذي يعتمد على الألفاظ المنطقية والأقيسة العقلية- فلا أثر لها في كتبه ولا أتباعه (٧).

يقول في إحدى رساله في الجواب عن أن أول واجب على المكلف هو النظر: " قولك: أول واجب على كل ذكر وأنثى: النظر في الوجود، ثم معرفة العقيدة، ثم علم التوحيد. وهذا خطأ، وهو من علم الكلام الذي أجمع السلف على ذمه" (٨).


(١) هو أبو محمد الحسن بن علي بن خلف، شيخ الحنابلة في وقته، كان عالماً زاهداً، فقيهاً، واعظاً. توفي سنة ٣٢٩ هـ. انظر: البداية والنهاية: ١١/ ٢٠١، سير أعلام النبلاء: ١٥/ ٩٠ - ٩١.
(٢) شرح السنة: ٤٨.
(٣) المرجع السابق: ٣٨.
(٤) هو أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغدادي الحنبلي، من مؤلفاته: فتح الباري شرح صحيح البخاري، وجامع العلوم والحكم، والتخويف من النار وغيرها، توفي سنة ٧٩٥.
انظر: الدرر الكامنة: ٢: ٣٢١، وشذرات الذهب: ٦/ ٢٣٠.
(٥) فضل علم السلف على علم الخلف: ٣٢.
(٦) انظر أقوال السلف في ذم الكلام وأهله: ذم الكلام للهروي، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة: ١/ ١١٤ - ١١٥، ٣/ ٥٢٨ - ٥٣٣، ٤/ ٦٢٧ - ٦٣٤، ٧٠٦ - ٧٣٧، والإبانة لابن بطة: ١/ ٣٠٩، ٣٢٤، وجامع بيان العلم وفضله: ٢/ ٩٢ - ٩٥، ومجموع الفتاوى: ١٧/ ٣٠٤ - ٣٠٦، ٣٤٦، ٥/ ٣٣٦ - ٣٣٧، والرد على الجهمية للدارمي: ٣٤٦ - ٣٥٢.
(٧) انظر: منهج الإمام محمد بن عبد الوهاب في التأليف للشيخ عبد المحسن العباد.
(٨) الدرر السنية: ١/ ٥١.

<<  <   >  >>