للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما نقل عن كتب السلف: " الإجماع أن علم الكلام بدعة وضلالة " (١).

ثانيا: أن السلف الذين ذموا علم الكلام، لم يذموا جنس الكلام، ولم يذموه لعجزهم عنه أو عدم معرفتهم به، ولا ذموا الاستدلال والنظر والجدل الذي أمر الله به ورسوله ولا ذموا كلاماً هو حق، بل ذموا الكلام الباطل المخالف للكتاب والسنة والعقل (٢)؛ ولهذا صار مصطلح الكلام عند السلف خاصاً بالكلام المذموم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "فالسلف ذموا أهل الكلام الذين هم أهل الشبهات والأهواء، لم يذموا أهل الكلام الذين هم أهل كلام صادق، يتضمن الدليل على معرفة الله تعالى، وبيان ما يستحقه وما يمتنع عليه" (٣).

ولهذا يقول الإمام الدارمي (٤) : "وقد كان من مضى من السلف يكرهون الخوض في هذا وما أشبهه، وقد كانوا رزقوا العافية منهم، وابتلينا بهم عند دروس الإسلام، وذهاب العلماء، فلم نجد بداً من أن نرد ما أتوا به من الباطل بالحق" (٥).

بل يرون أن من لم يناظر أهل البدع، ويدحض شبههم لم يعط الإسلام حقه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم، لم يكن أعطى الإسلام حقه، ولا وفّى بموجب العلم والإيمان، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور، وطمأنينة التقوى، ولا أفاد كلامه العلم واليقين" (٦).


(١) الدرر السنية: ١/ ١٠٥، ٢/ ٣٣٤، ٣/ ٣١٠. وانظر في ذلك أيضاً: الرسالة الرابعة والخمسون للشيخ عبد اللطيف ابن عبد الرحمن آل الشيخ في نصر مذهب السلف على علم الكلام: مجموعة الرسائل والمسائل النجدية: ٣/ ٢٩٤، ومجموع فتاوى ومقالات ابن باز: ٢/ ٧١، ومجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين: ٤/ ٧٥، ١٠٥.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى: ١٣/ ١٤٧، والنبوات: ١٥٦ - ١٥٧.
(٣) درء تعارض العقل والنقل: ٧/ ١٨١. وانظر: الصواعق المرسلة: ٤/ ١٢٧٤، ومعارج القبول: ١/ ٣٤، وموقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة: ١/ ٨٧.
(٤) أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي التميمي، الإمام، الحافظ، طاف بالبلاد في طلب العلم، له عدة مصنفات، منها: الرد على الجهمية، والنقض على بشر المريسي، وغيرها، توفي ٢٨٠ هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء ١٣/ ٣١٩، وطبقات الشافعية ٢/ ٣٠٥.
(٥) الرد على الجهمية للدارمي، ضمن عقائد السلف: ص ٢٥٩.
(٦) مجموع الفتاوى: ٤/ ١٣ - ١٤، وانظر: علم الكلام والتأويل وأثرهما على العقيدة الإسلامية، مجلة البحوث الإسلامية، العدد (٦٨): ٢٨٤ - ٢٨٥

<<  <   >  >>