للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طلبوا الشفاعة من سيّد الأولين والآخرين ، فلم يقل لهم: أيها المشركون .. إن الله تعالى أعطاني الشفاعة ونهاكم عن هذا فقال: ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن: ١٨]، كما قال ابن عبد الوهاب! " (١).

ثم قال: " فإن قال مخالف: إن هؤلاء المؤمنين طلبوا من النبي الشفاعة في الآخرة وليس في الدنيا، فطلب الشفاعة في الآخرة ليس شركاً بخلاف طلبها في الدنيا.

قلت: إن كلام ابن عبد الوهاب يدلّ على أنّ طلب الشفاعة من الشفيع شرك مطلقاً، لأن الشفاعة كلها لله، ولا تكون إلا من بعد إذنه، ولا يشفع النبي ولا غيره في أحد لا في الدنيا ولا في الآخرة حتى يأذن الله فيه، ويرى أنّ الواجب هو أن تطلب الشفاعة من الله تعالى وليس من الشفيع، وما كان شركاً في الدنيا فهو شرك في الآخرة، وما لم يكن شركاً في الدنيا فليس بشرك في الآخرة.

مع أن النبي حي في قبره يصلي، وتعرض عليه أعمال أمته، وقد ثبت أن أحد الصحابة طلب الشفاعة من النبي في الدنيا، فقد روى الترمذي عن أنس قال: سألت النبي أن يشفع لي يوم القيامة، فقال: " أنا فاعل". فقد طلب شفاعة النبي وهو في الدنيا لا في الآخرة، وهذه الشفاعة رحمة من الله تعالى وكرامة للشفيع، وليس جهلاً ولا عجزاً منه " (٢).

حقيقة هذه الدعوى:

لم أجد - حسب بحثي- من قال بأنه لا توجد شفاعة منفية وإنما هي شفاعة بشروط؛ حتى إن المعتزلة أنكروا الشفاعة لأصحاب الكبائر اعتمادا على الآيات التي ورد فيها نفي الشفاعة (٣)، بل نُقل الإجماع على الشفاعة المنفية عن الكافرين (٤).

الجواب عن هذه الدعوى:


(١) الرؤية الوهابية للتوحيد: ٢٥٧.
(٢) المرجع السابق: ٢٥٩.
(٣) انظر: متشابه القرآن: ١/ ٩١ - ٩٢.
(٤) انظر: تفسير القرطبي: ١/ ٣٧٩.

<<  <   >  >>