للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانوا يعبدونها رجاء شفاعتها عند الله، قال الله لنبيه محمد : قل لهم: ﴿أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ﴾، يقول: أتخبرون الله بما لا يكون في السماوات ولا في الأرض؛ وذلك أن الآلهة لا تشفع لهم عند الله في السماوات ولا في الأرض، وكان المشركون يزعمون أنها تشفع لهم عند الله فقال الله لنبيه : قل لهم أتخبرون الله أن ما لا يشفع في السماوات ولا في الأرض يشفع لكم فيهما؛ وذلك باطل لا تعلم حقيقته وصحته؛ بل يعلم الله أن ذلك خلاف ما تقولون وأنها لا تشفع لأحد ولا تنفع ولا تضر " (١).

وأخبر الله عن أهل النار من الكفار أنهم يقولون: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (١٠٠) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (١٠١) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٢)[الشعراء: ١٠٠ - ١٠٣]، وقال تعالى: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (١٨)[غافر: ١٨].

وهذه الآيات تحكي قول المشركين وهم في النار خالدون، كيف يتحسرون ويتمنون، فلا إيمان ينجيهم، ولا عمل يخلصهم، ولا شافع يشفع لهم، ولا صديق ينقذهم، فتقطعت بهم السبل، وضرب اليأس أعماقهم، فزادهم عذاباً فوق العذاب (٢).

ثالثا: استدل المناوئ على إنكار الشفاعة المنفية على أنه لو قيل بالشفاعة المنفية لكان معناه أن يشفع من لا تجوز شفاعته فترد تلك الشفاعة …

فيقال: إن طلب الشفاعة من الحي الحاضر على قسمين:

القسم الأول: إن كان مما يقدر عليه فهي على نوعين:

١ - إن كان المطلوب أمرا حسنا فهي مشروعة: لقوله تعالى: ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا﴾ [النساء: ٨٥]. وقال : «اشفعوا تؤجروا» (٣).

٢ - إن كان المطلوب أمراً سيئاً فهي محرمة: لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا﴾ [النساء: ٨٥].


(١) تفسير ابن جرير: ١١/ ٩٨.
(٢) انظر: تفسير ابن كثير: ٦/ ١٥٠، ٧/ ١٣٦، ٨/ ٢٧٣.
(٣) صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب التحريض على الصدقة والشفاعة فيها، برقم (١٤٣٢).

<<  <   >  >>