للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحد فمعناه أنه المختص بصفات لا يشاركه فيها غيره من كونه قديما وقادرا لنفسه وعالما وحيا وموجودا كذلك وأنه تحق له العبادة لا تجوز لأحد سواه ولا يجوز أن يكون (أحد) هذه هي التي تقع في النفي لأنها أعم العام على الجملة أحد والتفصيل فلا يصلح ذلك في الإيجاب كقولك ما في الدار أحد أي ما فيها واحد فقط ولا أكثر، ويستحيل هذا في الإيجاب وفى قوله (الله أحد) دليل فساد مذهب المجسمة لان الجسم ليس بأحد إذ هو أجزاء كثيرة وقد دل الله بهذا القول على أنه أحد فصح أنه ليس بجسم.

والمعنى الذي نستخلصه من هذه السورة العظيمة التي اشتملت على التوحيد الإلهي الحقيقي هو أن الله واحد أحد إذ أن كل أحد واحد وليس كل واحد أحد.

إنها أحدية الذات والصفات فالله ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ وبينما يثبت الوهابيون للخالق ﷿ صفات جسدية تنافي الأحدية الإلهية، حيث يقول في معرض تفسيره لحديث رسول الله ص [كذا] (من قال لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله - إثبات الصفات، خلافاً للأشعرية)!، أي أنه يثبت لله سبحانه صفة الوجه " face (١) .

حقيقة هذه الدعوى:

هذه الدعوى مبنية على تعريف المعتزلة والأشاعرة للتوحيد، وبأنه واحد في ذاته لا قسيم له (٢).

الجواب عن هذه الدعوى:

أولا: ورد اسم الله الأحد والواحد في القرآن الكريم، فاسم الله (الأحد) ورد في موضع واحد من القرآن في سورة الإخلاص: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)[الإخلاص: ١ - ٤]، وهي السورة العظيمة التي ورد في السنة عن النبي أنها تعدل ثلث القرآن لكونها أخلصت لبيان أسماء الرب الحسنى


(١) نقض الوهابية: ٣٣ - ٣٤.
(٢) انظر: شرح الأصول الخمسة: ٢٧٢، والمغني للقاضي عبد الجبار: ١/ ٢٤، والإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد: ٥٢.

<<  <   >  >>